[ ص: 329 ] يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير
قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم قال المفسرون: هذا خطاب لكفار مكة . وقوله: لا يجزي والد عن ولده أي: لا يقضي عنه شيئا من جنايته ومظالمه . قال وهذا يعني به الكفار . وقد شرحنا هذا في (البقرة: 48) . قال مقاتل: وقوله: الزجاج: هو جاز جاءت في المصاحف بغير ياء، والأصل " جازي " بضمة وتنوين . وذكر سيبويه والخليل أن الاختيار في الوقف هو " جاز " بغير ياء، هكذا وقف الفصحاء من العرب ليعلموا أن هذه الياء تسقط في الوصل . وزعم يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقف بياء، ولكن الاختيار اتباع المصحف .
قوله تعالى: إن وعد الله حق أي: بالبعث والجزاء فلا تغرنكم الحياة الدنيا بزينتها عن الإسلام والتزود للآخرة ولا يغرنكم بالله أي: بحلمه وإمهاله الغرور يعني: الشيطان، وهو الذي من شأنه أن يغر . قال " الغرور " على وزن الفعول، وفعول من أسماء المبالغة، يقال: فلان أكول: إذا كان كثير الأكل، وضروب: إذا كان كثير الضرب، فقيل للشيطان: غرور، لأنه يغر كثيرا . وقال الزجاج: : الغرور بفتح الغين: الشيطان، وبضمها: الباطل . ابن قتيبة
قوله تعالى: إن الله عنده علم الساعة سبب نزولها أن رجلا من [ ص: 330 ] أهل البادية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني ماذا تلد؟ وبلدنا مجدب، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت، فأخبرني متى أموت؟ فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد
ومعنى الآية: إن الله عز وجل عنده علم الساعة متى تقوم، لا يعلم سواه ذلك وينزل الغيث وقرأ نافع، وعاصم، " وينزل " بالتشديد، فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث، أليلا أم نهارا وابن عامر: ويعلم ما في الأرحام لا يعلم سواه ما فيها، أذكرا أم أنثى، أبيض أو أسود وما تدري نفس ماذا تكسب غدا أخيرا أم شرا وما تدري نفس بأي أرض تموت أي: بأي مكان . وقرأ ، ابن مسعود ، [ ص: 331 ] وأبي بن كعب : " بأية أرض " بتاء مكسورة . والمعنى: ليس أحد يعلم [أين] مضجعه من الأرض حتى يموت، أفي بر أو بحر أو سهل أو جبل . وقال وابن أبي عبلة [يقال]: بأي أرض كنت، وبأية أرض كنت، لغتان . وقال أبو عبيدة: من قال: بأي أرض، اجتزأ بتأنيث الأرض من أن يظهر في " أي " تأنيثا آخر . قال الفراء: هذه الخمس لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي [مرسل] مصطفى . قال ابن عباس: فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه كفر بالقرآن لأنه خالفه . الزجاج: