ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون [ ص: 162 ] قوله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال .
قال "من" تدل على أن لكل صنف منها شيئا مضمرا ، فتقديره: بشيء من الخوف ، وشيء من الجوع ، وشيء من نقص الأموال . الفراء:
وفيمن أريد في هذه الآية أربعة أقوال . أحدها: أنهم أصحاب النبي خاصة ، قاله والثاني: أنهم أهل عطاء . مكة . والثالث: أن هذا يكون في آخر الزمان . قال يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلا ثمرة . والرابع: أن الآية على عمومها . كعب:
فأما الخوف; فقال وهو الفزع في القتال . والجوع: المجاعة التي أصابت أهل ابن عباس: مكة سبع سنين . ونقص من الأموال: ذهاب أموالهم ، والأنفس بالموت والقتل الذي نزل بهم ، والثمرات لم تخرج كما كانت تخرج . وحكى عن بعض أهل العلم: أن الخوف في الجهاد ، والجوع في فرض الصوم ، ونقص الأموال: ما فرض فيها من الزكاة والحج ، ونحو ذلك . والأنفس: ما يستشهد منها في القتال ، والثمرات: ما فرض فيها من الصدقات . أبو سليمان الدمشقي (وبشر الصابرين) على هذه البلاوي بالجنة .
واعلم أنه إنما أخبرهم بما سيصيبهم ، ليوطنوا أنفسهم على الصبر ، فيكون ذلك أبعد بهم من الجزع . (قالوا إنا لله) يريدون: نحن عبيده يفعل بنا ما يشاء (وإنا إليه راجعون) يريدون: نحن مقرون بالبعث والجزاء على أعمالنا ، والثواب على صبرنا . قال : لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم يعطه الأنبياء قبلهم سعيد بن جبير الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب ، ألم تسمع إلى قوله: (يا أسفى على يوسف) قال الفراء: وللعرب في المصيبة ثلاث لغات: مصيبة ، ومصابة ، ومصوبة ، زعم أنه سمع أعرابيا يقول: جبر الله مصوبتك . الكسائي