فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة .
قوله تعالى: فإذا جاءت الصاخة وهي الصيحة الثانية . قال الصاخة تصخ صخا، أي: تصم . يقال: رجل أصخ، وأصلخ: إذا كان [ ص: 35 ] لا يسمع . والداهية صاخة أيضا . وقال ابن قتيبة: هي الصيحة التي تكون عليها القيامة، تصخ الأسماع، أي: تصمها، فلا تسمع إلا ما تدعى به لإحيائها . ثم فسر في أي وقت تجيء، فقال تعالى: الزجاج: يوم يفر المرء من أخيه قال المفسرون: المعنى: لا يلتفت الإنسان إلى أحد من أقاربه، لعظم ما هو فيه . قال أول من يفر من أخيه الحسن: هابيل، ومن أمه وأبيه إبراهيم، ومن صاحبته نوح ولوط، ومن ابنه نوح . وقال يفر قتادة: هابيل من قابيل، والنبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم من أبيه، ولوط من صاحبته، ونوح من ابنه .
قوله تعالى: لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه قال أي: يشغله عن قرابته . وقال الفراء: أي: يصرفه ويصده عن قرابته، يقال: اغن عني وجهك، أي: اصرفه، واغن عني السفيه . وقرأ ابن قتيبة: أبو عبد الرحمن السلمي، والزهري، وأبو العالية، وابن السميفع، وابن محيصن، " يعنيه " بفتح الياء والعين غير معجمة . قال وابن أبي عبلة معنى الآية: له شأن لا يقدر مع الاهتمام به على الاهتمام بغيره . وكذلك قراءة من قرأ: " يغنيه " بالغين، معناه: له شأن لا يهمه معه غيره . الزجاج:
[ ص: 36 ] وقد روى قال: أنس بن مالك للنبي صلى الله عليه وسلم: أنحشر عراة؟ قال: نعم . قالت: واسوءتاه، فأنزل الله تعالى: عائشة لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه . قالت
قوله تعالى: وجوه يومئذ مسفرة أي: مضيئة قد علمت ما لها من الخير ضاحكة لسرورها مستبشرة أي: فرحة بما نالها من كرامة الله عز وجل ووجوه يومئذ عليها غبرة أي: غبار . وقال أي: سواد وكآبة مقاتل: ترهقها أي: تغشاها قترة أي: ظلمة . وقال يعلوها سواد كالدخان . ثم بين من أهل هذه الحال؟ ، فقال تعالى: الزجاج: أولئك هم الكفرة الفجرة وهو جمع كافر وفاجر .