ويقال لها: سورة أرأيت
وفيها قولان .
أحدهما: مكية، قاله الجمهور .
والثاني: مدنية، روي عن ابن عباس، وقال وقتادة . هبة الله المفسر: نزل نصفها بمكة في العاص بن وائل، ونصفها بالمدينة في عبد الله بن أبي المنافق .
بسم الله الرحمن الرحيم
أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون .
قوله تعالى: أرأيت الذي يكذب بالدين اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية على ستة أقوال .
أحدها: نزلت في رجل من المنافقين، قاله ابن عباس .
والثاني: نزلت في عمرو بن عائذ، قاله الضحاك .
[ ص: 244 ] والثالث: في الوليد بن المغيرة، قاله السدي .
والرابع: في العاص بن وائل، قاله ابن السائب .
والخامس: في قاله أبي سفيان بن حرب، ابن جريج .
والسادس: في أبي جهل، حكاه الماوردي .
وفي " الدين " أربعة أقوال .
أحدها: أنه حكم الله عز وجل، قاله ابن عباس .
والثاني: الحساب، قاله مجاهد، وعكرمة .
والثالث: الجزاء، حكاه الماوردي .
والرابع: القرآن، حكاه بعض المفسرين . و " يدع " بمعنى يدفع . وقد ذكرناه في قوله تعالى: يوم يدعون إلى نار جهنم [الطور: 13] . والمعنى: أنه يدفع اليتيم عن حقه دفعا عنيفا ليأخذ ماله . وقد بينا فيما سبق أنهم كانوا لا يورثون الصغير، وقيل: يدفع اليتيم إبعادا له، لأنه لا يرجو ثواب إطعامه ولا يحض على طعام المسكين أي: لا يطعمه، ولا يأمر بإطعامه لأنه مكذب بالجزاء .
قوله تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون نزل هذا في المنافقين الذين لا يرجون لصلاتهم ثوابا، ولا يخافون على تركها عقابا . فإن كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلوا رياء، وإن لم يكونوا معه لم يصلوا، فذلك قوله تعالى: الذين هم يراءون وقال والله ما تركوها البتة ولو تركوها البتة كانوا كفارا، ولكن تركوا المحافظة على أوقاتها . وقال ابن مسعود: يؤخرونها عن وقتها . ونقل عن [ ص: 245 ] ابن عباس: أنه قال: هو الذي لا يدري عن كم انصرف، عن شفع، أو عن وتر . ورد هذا بعض العلماء فقال: هذا ليس بشيء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سها في صلاته، ولأنه قال تعالى: أبي العالية عن صلاتهم ولم يقل: في صلاتهم، ولأن ذاك لا يكاد يدخل تحت طوق ابن آدم .
قال الشيخ رحمه الله: قلت: ولا أظن أراد السهو النادر، وإنما أراد السهو الدائم، وذلك ينبئنا عن التفات القلب عن احترام الصلاة، فيتوجه الذم إلى ذلك لا إلى السهو . أبا العالية
وفي " الماعون " ستة أقوال .
أحدها: أنه الإبرة، والماء، والنار، والفأس، وما يكون في البيت من هذا النحو، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى نحوه ذهب أبو هريرة ابن مسعود، في رواية . وروى عنه وابن عباس أنه قال: الماعون: المعروف كله [ ص: 246 ] حتى ذكر القدر، والقصعة، والفأس . وقال أبو صالح ليس الويل لمن منع هذا، إنما الويل لمن جمعهن، فراءى في صلاته، وسها عنها، ومنع هذا . قال عكرمة: والماعون في الجاهلية: كل ما كان فيه منفعة كالفأس، والقدر، والدلو، والقداحة، ونحو ذلك، وفي الإسلام أيضا . الزجاج:
والثاني: أنه الزكاة، قاله علي، وابن يعمر، والحسن، وعكرمة، وقتادة .
والثالث: أنه الطاعة، قاله في رواية . ابن عباس
والرابع: المال، قاله سعيد بن المسيب، والزهري .
والخامس: المعروف، قاله محمد بن كعب .
والسادس: الماء، ذكره عن بعض الفراء العرب قال: وأنشدني:
يمج صبيره الماعون صبا
والصبير: السحاب .