[ ص: 252 ] سورة الكافرون
بسم الله الرحمن الرحيم
قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين .
وفيها قولان .
أحدهما: مكية، قاله ابن مسعود، والجمهور . والحسن،
والثاني: مدنية، روي عن قتادة .
ذكر سبب نزولها . اختلفوا على ثلاثة أقوال .
أحدها: أن رهطا من قريش منهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد يغوث لقوا فقالوا: يا العباس بن عبد المطلب، لو أن ابن أخيك أسلم بعض آلهتنا لصدقناه بما يقول ولآمنا بإلهه ، فأتاه أبا الفضل: فأخبره، فنزلت هذه السورة، رواه العباس عن أبو صالح ابن عباس .
[ ص: 253 ] والثاني: أن عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا محمد: لا ندعك حتى تتبع ديننا، ونتبع دينك، فإن كان أمرنا رشدا كنت قد أخذت بحظك منه، وإن كان أمرك رشدا كنا قد أخذنا بحظنا منه، فنزلت هذه السورة، قاله عبيد بن عمير .
والثالث: أن قريشا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن نتبع دينك عاما، وترجع إلى ديننا عاما، فنزلت هذه السورة، قاله قال وهب . في آخرين: نزلت هذه السورة في مقاتل أبي جهل وفي المستهزئين، ولم يبق من الذين نزلت فيهم أحد . وأما قوله تعالى: لا أعبد فهو في موضع " من " ولكنه جعل مقابلا لقوله تعالى: ما تعبدون وهي الأصنام . وفي تكرار الكلام قولان .
أحدهما: لتأكيد الأمر، وحسم أطماعهم فيه، قاله وقد أنعمنا شرح هذا في سورة [الرحمن: 13] . الفراء .
[ ص: 254 ] والثاني: أن المعنى: لا أعبد ما تعبدون في حالي هذه ولا أنتم في حالكم هذه عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم فيما أستقبل، وكذلك أنتم، فنفى عنه وعنهم ذلك في الحال والاستقبال، وهذا في قوم بأعيانهم، أعلمه الله عز وجل أنهم لا يؤمنون، كما ذكرنا عن فلا يكون حينئذ تكرارا، هذا قول مقاتل، ثعلب، وقوله تعالى: والزجاج . لكم دينكم ولي دين فتح ياء " ولي " نافع، وحفص، عن وأبان وأثبت ياء " ديني " في الحالين عاصم . يعقوب . وهذا منسوخ عند المفسرين بآية السيف .