[ ص: 279 ] لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين .
قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن قرأ ابن كثير ، ونافع ، ، وعاصم وابن عامر ، "تمسوهن" بغير ألف حيث كان ، وبفتح التاء . وقرأ وأبو عمرو حمزة ، والكسائي ، "تماسوهن" بألف وضم التاء في الموضعين هنا وفي الأحزاب ثالث . قال وخلف أبو علي: وقد يراد بكل واحد من "فاعل" و"فعل" ما يراد بالآخر ، نقول: طارقت النعل ، وعاقبت اللص . قال نزلت هذه الآية في مقاتل بن سليمان: رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ، ولم يسم لها مهرا ، فطلقها قبل أن يسمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "هل متعتها بشيء؟" قال: لا . قال: "متعها ولو بقلنسوتك" ومعنى الآية: ما لم تمسوهن ، ولم تفرضوا لهن فريضة . وقد تكون "أو" بمعنى الواو . كقوله تعالى: ولا تطع منهم آثما أو كفورا [ الدهر: 24 ] .
والمس: النكاح ، والفريضة: الصداق ، وقد دلت الآية على جواز عقد النكاح بغير تسمية مهر (ومتعوهن) أي: أعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم على قدر أحوالكم في الغنى والفقر . والمتاع: اسم لما ينتفع به ، فذلك معنى قوله تعالى: على الموسع قدره وعلى المقتر قدره وقرأ ابن كثير ، ونافع ، "قدره" بإسكان الدال في الحرفين ، وقرأ وأبو عمرو ابن عامر ، وحمزة ، بتحريك الحرفين ، وعن الكسائي :كالقرأتين ، وهما لغتان . عاصم
[ ص: 280 ] فصل
وهل هذه فيه قولان . أحدهما: واجبة ، واختلف أرباب هذا القول ، لأي المطلقات تجب . على ثلاثة أقوال . أحدها: أنها واجبة لكل مطلقة ، روي عن المتعة واجبة ، أم مستحبة؟ علي ، والحسن ، وأبي العالية ، والثاني: أنها تجب لكل مطلقة إلا المطلقة التي فرض لها صداقا ، ولم يمسها ، فإنه يجب لها نصف ما فرض ، روي عن والزهري . ابن عمر ، والقاسم بن محمد ، وشريح ، وإبراهيم . والثالث: أنها تجب للمطلقة قبل الدخول إذا لم يسم لها مهرا ، فإن دخل بها ، فلا متعة ، ولها مهر المثل ، روي عن الأوزاعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، والثاني: أن المتعة مستحبة ، ولا تجب على أحد ، سواء سمي للمرأة ، أو لم يسم ، دخل بها ، أو لم يدخل ، وهو قول وأحمد بن حنبل . مالك ، والليث بن سعد ، والحكم ، واختلف العلماء في وابن أبي ليلى . فنقل عن مقدار المتعة ، ابن عباس ، أعلاها خادم ، وأدناها كسوة يجوز لها أن تصلي فيها ، وروي عن وسعيد بن المسيب: حماد وأبي حنيفة: أنه قدر نصف صداق مثلها . وعن الشافعي أنه قدر يساره وإعساره ، فيكون مقدرا باجتهاد الحاكم . ونقل عن وأحمد: المتعة بقدر ما تجزئ فيه الصلاة من الكسوة ، وهو درع وخمار . و قوله تعالى: أحمد: متاعا بالمعروف أي: بقدر الإمكان ، والحق: الواجب . وذكر المحسنين والمنافقين ضرب من التأكيد .