ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير    . 
قوله تعالى: ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله  أي: طلبا لرضاه . وفي معنى التثبيت قولان . أحدهما: أنه الإنفاق على يقين وتصديق ، وهذا قول  الشعبي ،   وقتادة ،   [ ص: 319 ]  والسدي ،  في آخرين . والثاني: أنه التثبيت لارتياد محل الإنفاق ، فهم ينظرون أين يضعونها ، وهذا قول  الحسن ،   ومجاهد ،  وأبي صالح .  
قوله تعالى:  (كمثل جنة)  الجنة: البستان وقرأ  مجاهد ،   وعاصم  الجحدري "حبة" بالحاء . والربوة: ما ارتفع . وقرأ  ابن كثير ،   ونافع ،   وأبو عمرو ،   وحمزة ،   والكسائي   "بربوة" بضم الراء . وقرأ  عاصم ،   وابن عامر ،  بفتح الراء ، وقرأ  الحسن   والأعمش  بكسر الراء ، وقرأ  ابن عباس ،  وأبو رزين ،  برباوة ، بزيادة ألف ، وفتح الراء ، وقرأ  أبي بن كعب  ، وعاصم الجحدري  كذلك ، إلا أنهما ضما الراء ، وكذلك خلافهم في "المؤمنين" قال  الزجاج:  يقال: ربوة وربوة وربوة ورباوة . والموضع المرتفع من الأرض ، إذا كان له ما يرويه من الماء ، فهو أكثر ريعا من السفل . وقال  ابن قتيبة:  الربوة الارتفاع ، وكل شيء ارتفع وزاد ، فقد ربا ، ومنه الربا في البيع . 
قوله تعالى:  (فآتت أكلها)  قرأ  ابن كثير ،  ونافع:  أكلها . والأكل بسكون الكاف حيث وقع ، ووافقهما  أبو عمرو ،  فيما أضيف إلى مؤنث ، مثل:  (أكلها دائم)  فأما ما أضيف إلى مذكر مثل: أكله؟ أو كان غير مضاف إلى مكنى: مثل (أكل خمط) فثقله  أبو عمرو .  وقرأ  عاصم ،   وابن عامر ،   وحمزة ،   والكسائي  جميع ذلك مثقلا . وأكلها ، أي: ثمرها .  (ضعفين)  أي: مثلين . فأما "الظل" فقال  ابن قتيبة:  هو أضعف المطر ، وقال  الزجاج:  هو المطر الدائم ، الصغار القطر الذي لا تكاد تسيل منه المثاعب . قال  ثعلب:  وهذا لفظ مستقبل وهو لأمر ماض ، فمعناه: فإن لم يكن أصابها وابل فطل . ومعنى هذا المثل: أن صاحب  [ ص: 320 ] هذه الجنة لا يخيب ، فإنها إن أصابها الطل حسنت ، وإن أصابها الوابل أضعفت ، فكذلك نفقة المؤمن المخلص   . والبصير من أسماء الله تعالى معناه: المبصر . قال  الخطابي:  وهو فعيل بمعنى مفعل ، كقولهم: أليم بمعنى مؤلم . 
				
						
						
