ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون [ ص: 413 ] قوله تعالى: ما كان لبشر في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها: أن قوما من رؤساء اليهود والنصارى ، قالوا: يا محمد أتريد أن نتخذك ربا؟ فقال: معاذ الله ، ما بذلك بعثني ، فنزلت هذه الآية ، قاله والثاني: ابن عباس . أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا نسجد لك؟ قال: "لا فإنه لا ، ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله" فنزلت هذه الآية ، قاله والثالث: أنها نزلت في نصارى الحسن البصري . نجران حيث عبدوا عيسى . قاله الضحاك ، وفيمن عنى بـ"البشر" قولان . أحدهما: ومقاتل . محمد صلى الله عليه وسلم . والكتاب: القرآن ، قاله ابن عباس ، والثاني: وعطاء . عيسى ، والكتاب: الإنجيل ، قاله الضحاك ، والحكم: الفقه والعلم ، قاله ومقاتل . في آخرين . قال قتادة ومعنى الآية: لا يجتمع لرجل نبوة ، والقول للناس: كونوا عبادا لي من دون الله ، لأن الله لا يصطفي الكذبة . الزجاج:
قوله تعالى: (ولكن كونوا) أي: ولكن يقول لهم: كونوا ، فحذف القول لدلالة الكلام عليه .
فأما الربانيون ، فروي عن رضي الله عنه أنه قال: هم الذين يغذون الناس بالحكمة ، ويربونهم عليها . وقال علي بن أبي طالب ابن عباس ، هم الفقهاء المعلمون . وقال وابن جبير: قتادة هم الفقهاء العلماء الحكماء . قاله وعطاء: واحدهم رباني ، وهم العلماء المعلمون . وقال ابن قتيبة: أبو عبيد: أحسب الكلمة ليست بعربية ، إنما هي عبرانية ، أو سريانية ، وذلك أن زعم أن أبا عبيدة العرب لا تعرف الربانيين . قال أبو عبيد: وإنما عرفها الفقهاء ، وأهل العلم ، قال: وسمعت رجلا عالما بالكتب يقول: هم العلماء بالحلال والحرام ، والأمر والنهي . وحكى عن بعض اللغويين: الرباني: منسوب إلى الرب ، لأن العلم: مما يطاع الله به ، فدخلت الألف والنون في النسبة للمبالغة ، كما قالوا: رجل لحياني: إذا بالغوا في وصفه بكبر اللحية . ابن الأنباري
[ ص: 414 ] قوله تعالى: (بما كنتم تعلمون الكتاب) قرأ ابن كثير ، ونافع تعلمون ، بإسكان العين ، ونصب اللام . وقرأ وأبو عمرو: عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، تعلمون مثقلا ، وكلهم قرؤوا: "تدرسون" خفيفة . وقرأ والكسائي: ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو رزين ، وسيعد بن جبير ، وطلحة بن مصرف ، وأبو حيوة: تدرسون ، بضم التاء مع التشديد . والدراسة: القرآءة . قال ومعنى الكلام: ليكن هديكم ونيتكم في التعليم هدي العلماء والحكماء ، لأن العالم إنما يستحق هذا الاسم إذا عمل بعلمه . الزجاج: