وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا
قوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة اختلفوا فيمن خوطب بهذا على قولين .
أحدهما: أنهم الأزواج ، وهو قول الجمهور ، واحتجوا بأن الخطاب للناكحين قد تقدم ، وهذا معطوف عليه ، وقال كان الرجل يتزوج بلا مهر ، فيقول: أرثك وترثيني ، فتقول المرأة: نعم ، فنزلت هذه الآية . والثاني: أنه متوجه إلى الأولياء ثم فيه قولان . . مقاتل:
[ ص: 11 ] أحدهما: أن الرجل كان إذا زوج أيمة جاز صداقها دونها ، فنهوا بهذه الآية ، هذا قول أبي صالح ، واختاره الفراء ، وابن قتيبة .
والثاني: أن الرجل كان يعطي الرجل أخته ويأخذ أخته مكانها من غير مهر ، فنهوا عن هذا بهذه الآية ، رواه أبو سليمان التيمي عن بعض أشياخه .
قال والصدقات: المهور ، وأحدها: صدقة . وفي قوله: ابن قتيبة: "نحلة" أربعة أقوال .
أحدها: أنها بمعنى: الفريضة ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد ، والثاني: أنها الهبة والعطية ، قاله ومقاتل . الفراء .
قال كانت ابن الأنباري: العرب في الجاهلية لا تعطي النساء شيئا من مهورهن ، فلما فرض الله لهن المهر ، كان نحلة من الله ، أي: هبة للنساء ، فرضا على الرجال .
وقال : هو هبة من الله للنساء . قال الزجاج وقيل: إنما سمي المهر نحلة ، لأن الزوج لا يملك بدله شيئا ، لأن القاضي أبو يعلى: ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة ، كان المهر لها دون الزوج ، وإنما الذي يستحقه الزوج الاستباحة ، لا الملك . البضع بعد النكاح في ملك المرأة ،
وأنها العطية بطيب نفس ، فكأنه قال: لا تعطوهن مهورهن وأنتم كارهون ، قاله أبو عبيدة .
والرابع: أن معنى "النحلة" الديانة ، فتقديره: وآتوهن صدقاتهن ديانة ، يقال: فلان ينتحل كذا ، أي: يدين به ، ذكره عن بعض العلماء . الزجاج
[ ص: 12 ] قوله تعالى: فإن طبن لكم يعني: النساء المنكوحات . وفي "لكم" قولان .
أحدهما: أنه يعني: الأزواج .
والثاني: الأولياء . و"الهاء" في "منه" كناية عن الصداق ، قال : و"منه" هاهنا: للجنس ، كقوله الزجاج فاجتنبوا الرجس من الأوثان معناه: فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن ، فكأنه قال: كلوا الشيء الذي هو مهر ، فيجوز أن يسأل الرجل المهر كله . و"نفسا": منصوب على التمييز .
فالمعنى: فإن طابت أنفسهن لكم بذلك ، فكلوه هنيئا مريئا ، وفي الهنيء ثلاثة أقوال . أحدها: أنه ما تؤمن عاقبته . والثاني: ما أعقب نفعا وشفاء .
والثالث: أنه الذي لا ينغصه شيء . وأما "المريء" فيقال: مرئ الطعام: إذا انهضم ، وحمدت عاقبته .