إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما   
قوله تعالى: إن الله لا يظلم مثقال ذرة  قد شرحنا الظلم فيما سلف ، وهو مستحيل على الله عز وجل ، لأن قوما قالوا: الظلم: تصرف فيما لا يملك ، والكل ملكه ، وقال آخرون: هو وضع الشيء في غير موضعه ، وحكمته لا تقتضي فعلا لا فائدة تحته . ومثقال الشيء: زنة الشيء . قال  ابن قتيبة:  يقال: هذا على مثقال هذا ، أي: على وزنه . قال  الزجاج   : وهو مفعال من الثقل . 
وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي  قال: يظن الناس أن المثقال وزن  [ ص: 84 ] دينار لا غير ، وليس كما يظنون . مثقال كل شيء: وزنه ، وكل وزن يسمى مثقالا ، وإن كان وزن ألف . قال الله تعالى: وإن كان مثقال حبة من خردل   [الأنبياء: 47] قال  أبو حاتم:  سألت  الأصمعي  عن صنجة مثقال الميزان ، فقال: فارسي ، ولا أدري كيف أقول ، ولكني أقول: مثقال ، فإذا قلت للرجل: ناولني مثقالا ، فأعطاك صنجة ألف ، أو صنجة حبة ، كان ممتثلا . 
وفي المراد بالذرة خمسة أقوال . أحدها: أنه رأس نملة حمراء ، رواه  عكرمة  عن  ابن عباس .  والثاني: ذرة يسيرة من التراب ، رواه يزيد بن الأصم ،  عن  ابن عباس .  والثالث: أصغر النمل ، قاله  ابن قتيبة ،  وابن فارس .  والرابع: الخردلة . والخامس: الواحدة من الهباء الظاهر في ضوء الشمس إذا طلعت من ثقب ، ذكرهما  الثعلبي .  واعلم أن ذكر الذرة ضرب مثل بما يعقل ، والمقصود أنه لا يظلم قليلا ولا كثيرا . 
قوله تعالى: وإن تك حسنة  قرأ  ابن كثير ،   ونافع:  حسنة بالرفع . وقرأ الباقون بالنصب . قال  الزجاج   : من رفع ، فالمعنى: وإن تحدث حسنة ، ومن نصب ، فالمعنى: وإن تك فعلته حسنة . 
قوله تعالى: يضاعفها  قرأ  ابن عامر ،   وابن كثير:  يضعفها بالتشديد من غير ألف . وقرأ الباقون: يضاعفها بألف مع كسر العين . قال  ابن قتيبة:  يضاعفها بالألف: يعطي مثلها مرات ، ويضعفها بغير ألف: يعطي مثلها مرة .  [ ص: 85 ] قوله تعالى: من لدنه  أي: من قبله . والأجر العظيم: الجنة . 
				
						
						
