يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا   
قوله تعالى: لو تسوى بهم الأرض  قرأ  ابن كثير ،   وعاصم ،   وأبو عمرو:  لو تسوى ، بضم التاء ، وتخفيف السين . والمعنى: ودوا لو جعلوا ترابا ، فكانوا هم والأرض سواء ، هذا قول  الفراء  في آخرين . قال  أبو هريرة:  إذا حشر الله الخلائق ، قال للبهائم ، والدواب ، والطير: كوني ترابا . فعندها يقول: الكافر: يا ليتني كنت ترابا . 
 [ ص: 87 ] وقرأ  نافع ،   وابن عامر:  لو تسوى ، بفتح التاء ، وتشديد السين ، والمعنى: لو تتسوى ، فأدغمت التاء في السين ، لقربها منها . قال أبو علي:  وفي هذه القراءة اتساع ، لأن الفعل مسند إلى الأرض ، وليس المراد: ودوا لو صارت الأرض مثلهم ، وإنما المعنى: ودوا لو يتسوون بها . ثم في المعنى للمفسرين قولان . 
أحدهما: أن معناه: ودوا لو تخرقت بهم الأرض ، فساحوا فيها ، قاله  قتادة ،   وأبو عبيدة ،   ومقاتل .  
والثاني: أن معناه: ودوا أنهم لم يبعثوا ، لأن الأرض كانت مستوية بهم قبل خروجهم ، منها قاله  ابن كيسان ،  وذكر نحوه  الزجاج .  وقرأ  حمزة ،   والكسائي:  لو تسوى ، بفتح التاء ، وتخفيف السين والواو مشددة ممالة ، وهي بمعنى: تتسوى ، فحذف التاء التي أدغمها نافع ،   وابن عامر .  فأما معنى القراءتين فواحد . 
قوله تعالى: ولا يكتمون الله حديثا  في الحديث قولان . أحدهما: أنه قولهم: ما كنا مشركين ، هذا قول الجمهور . والثاني: أنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته ، قاله  عطاء:  فعلى الأول يتعلق الكتمان بالآخرة ، وعلى الثاني يتعلق بما كان في الدنيا ، فيكون المعنى: ودوا أنهم لم يكتموا ذلك . 
وفي معنى الآية: ستة أقوال . أحدها: ودوا إذا فضحتهم جوارحهم أنهم لم يكتموا الله شركهم ، وهذا المعنى مروي عن  ابن عباس .  
والثاني: أنهم لما شهدت عليهم جوارحهم لم يكتموا الله حديثا بعد ذلك ، روي عن  ابن عباس  أيضا . 
والثالث: أنهم في موطن لا يكتمونه حديثا ، وفي موطن يكتمون ، ويقولون: ما كنا مشركين ، قاله  الحسن .   [ ص: 88 ] والرابع: أن قوله ولا يكتمون الله حديثا  كلام مستأنف لا يتعلق بقوله: لو تسوى بهم الأرض ، هذا قول  الفراء ،   والزجاج .  ومعنى: لا يكتمون الله حديثا: لا يقدرون على كتمانه ، لأنه ظاهر عند الله . 
والخامس: أن المعنى: ودوا لو سويت بهم الأرض ، وأنهم لم يكتموا الله حديثا . 
والسادس: أنهم لم يعتقدوا قولهم: ما كنا مشركين كذبا ، وإنما اعتقدوا أن عبادة الأصنام طاعة ، ذكر القولين  ابن الأنباري .  
وقال  القاضي أبو يعلى:  أخبروا بما توهموا ، إذ كانوا يظنون أنهم ليسوا بمشركين ، وذلك لا يخرجهم عن أن يكونوا قد كذبوا . 
				
						
						
