قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
[ ص: 126 ] أحدها: أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديد المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرآه رسول الله يوما فعرف الحزن في وجهه ، فقال: يا ثوبان ما غير وجهك؟ قال: ما بي من وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك ، فأذكر الآخرة ، فأخاف أن لا أراك هناك ، فنزلت هذه الآية . رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثاني: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: ما ينبغي أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا ، فنزلت هذه الآية . هذا قول مسروق .
والثالث: أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي وهو محزون ، فقال: مالي أراك محزونا؟ فقال: يا رسول الله غدا ترفع مع الأنبياء ، فلا نصل إليك . فنزلت هذه الآية . هذا قول قال سعيد بن جبير . : ومن يطع الله في الفرائض ، والرسول في السنن . قال ابن عباس والصديق: الكثير الصدق ، كما يقال: فسيق ، وسكير ، وشريب ، وخمير ، وسكيت ، وفجير ، وعشيق ، [ ص: 127 ] وضليل ، وظليم: إذا كثر منه ذلك . ولا يقال ذلك لمن فعل الشيء مرة ، أو مرتين حتى يكثر منه ذلك ، أو يكون عادة . فأما الشهداء ، فجمع شهيد وهو القتيل في سبيل الله . ابن قتيبة:
وفي تسميته بالشهيد خمسة أقوال . أحدها: لأن الله تعالى وملائكته شهدوا له بالجنة ، قاله والثاني: لأن ملائكة الرحمة تشهده . والثالث: لسقوطه بالأرض ، والأرض: هي الشاهدة ، ذكر القولين ثعلب . والرابع: لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قتل ، قاله ابن فارس اللغوي . والخامس: لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة بالقتل ، قاله شيخنا أبو سليمان الدمشقي . علي بن عبيد الله .
فأما الصالحون ، فهم اسم لكل من صلحت سريرته وعلانيته ، والجمهور على أن النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين عام في جميع من هذه صفته .
[ ص: 128 ] وقال عكرمة: المراد بالنبيين هاهنا: محمد ، والصديقين أبو بكر ، وبالشهداء عمر وعثمان وبالصالحين سائر الصحابة . وعلي ،
قوله تعالى: وحسن أولئك رفيقا قال : "رفيقا" منصوب على التمييز ، وهو ينوب عن رفقاء . قال الشاعر: الزجاج
بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض وأما جلدها فصليب
وقال آخر:
في
حلقكم عظم وقد شجينا يريد في حلوقكم عظام
"ذلك الفضل" الذي أعطى المذكورين "من الله وكفى بالله عليما" بالمقاصد والنيات .