وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما
قوله تعالى: وإن منكم لمن ليبطئن اختلفوا فيمن نزلت على قولين .
أحدهما: أنها في المنافقين ، كعبد الله بن أبي ، وأصحابه كانوا يتثاقلون عن الجهاد ، فإن لقيت السرية نكبة ، قال من أبطأ منهم: لقد أنعم الله علي ، وإن لقوا غنيمة ، قال: يا ليتني كنت معهم . هذا قول ابن عباس ، وابن جريج .
والثاني: أنها نزلت في المسلمين الذين قلت علومهم بأحكام الدين ، فتثبطوا لقلة العلم ، لا لضعف الدين ، ذكره ، وغيره . فعلى الأول تكون إضافتهم إلى المؤمنين بقوله "منكم" لموضع نطقهم بالإسلام ، وجريان أحكامه عليهم ، وعلى الثاني تكون الإضافة حقيقة ، قال الماوردي اللام في "لمن" لام تأكيد . ابن جرير:
قال : واللام في "ليبطئن" لام القسم ، كقولك: إن منكم لمن أحلف بالله ليبطئن ، يقال: "أبطأ الرجل" و "بطؤ" . فمعنى "أبطأ": تأخر ، ومعنى "بطؤ": ثقل . وقرأ الزجاج "ليبطئن" بتخفيف الهمزة ، وفي معنى "ليبطئن" قولان . أحدهما: ليبطئن هو بنفسه ، وهو قول أبو جعفر: والثاني: ليبطئن غيره ، قاله ابن عباس . قال ابن جريج . : و "المصيبة": النكبة . و "الفضل من الله": الفتح والغنيمة . ابن عباس
[ ص: 131 ] قوله تعالى: ( كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ) قرأ ابن كثير ، وحفص ، والمفضل ، عن كأن لم تكن بالتاء ، لأن الفاعل المسند إليه مؤنث في اللفظ وقرأ عاصم: نافع ، وحمزة ، والكسائي ، عن وأبو بكر ، يكن بالياء ، لأن التأنيث ليس بحقيقي . قال عاصم: : يجوز أن يكون المعنى: ليقولن يا ليتني كنت معهم ، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة ، أي: كأنه لم يعاقدكم على أن يجاهد معكم ، ويجوز أن يكون هذا الكلام معترضا به ، فيكون المعنى: ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن يا ليتني كنت معهم فإن أصابتكم مصيبة ، قال: قد أنعم الله علي ، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة . فيكون معنى "المودة" أي: كأنه لم يعاقدكم على الإيمان . الزجاج