وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا
قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة روى عن مجاهد ، أبي عياش الزرقي قال: بعسفان ، وعلى المشركين [قال]: فصلينا الظهر ، فقال المشركون: لقد أصبنا غرة ، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة ، فنزلت آية القصر فيما بين الظهر والعصر . خالد بن الوليد ، و "الضرب في الأرض": السفر ، و"الجناح": الإثم ، و "القصر": النقص ، و "الفتنة": القتل . وفي القصر قولان . [ ص: 182 ] أحدهما: أنه القصر من عدد الركعات . كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
والثاني: أنه القصر من حدودها . وظاهر الآية يدل على أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف ، وليس الأمر كذلك ، وإنما نزلت الآية على غالب أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثرها لم يخل عن خوف العدو . وقيل: إن قوله: (أن تقصروا من الصلاة) كلام تام . وقوله: (إن خفتم) كلام مبتدأ ، ومعناه: وإن خفتم .
واختلف العلماء صلاة المسافر هل فقال قوم: ليست مقصورة ، وإنما فرض المسافر ذلك ، وهو قول ركعتين مقصورة أم لا؟ ابن عمر ، وجابر بن [ ص: 183 ] عبد الله ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، وأبي حنيفة ، فعلى هذا القول أن تكون ركعة ولا يجوز ذلك إلا بوجود السفر والخوف ، لأن عند هؤلاء أن الركعتين في السفر إذا لم يكن فيه خوف تمام غير قصر ، واحتجوا بما روى قصر الصلاة ابن عباس بذي قرد ، فصف الناس خلفه صفين ، صفا خلفه ، وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء ، إلى مكان هؤلاء ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ، ولم يقضوا . وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أنه قال: ابن عباس فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة .
والثاني: أنها مقصورة ، وليست بأصل ، وهو قول مجاهد ، وطاووس ، وأحمد ، والشافعي . يعلى بن أمية: قلت عجبت من قصر الناس اليوم ، وقد أمنوا ، وإنما قال الله تعالى: لعمر بن الخطاب: إن خفتم فقال عجبت [ ص: 184 ] مما عجبت منه ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم ، فاقبلوا صدقته . عمر: قال
فصل
وإنما يجوز للمسافر القصر إذا كان سفره مباحا ، وبهذا قال مالك ، وقال والشافعي ، أبو حنيفة: يجوز له القصر في سفر المعصية . فأما وإن نوى أقل منها ، قصر ، فقال أصحابنا: إقامة اثنين وعشرين صلاة . وقال مدة الإقامة التي إذا نواها أتم الصلاة ، أبو حنيفة: خمسة عشر يوما . وقال مالك ، أربعة أيام . والشافعي: