قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .
أحدها: أن عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن قوما قد أظهروا لنا العداوة ، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ، [ ص: 383 ] فنزلت هذه الآية ، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين ، وأذن بلال بالصلاة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مسكين يسأل الناس ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل أعطاك أحد شيئا"؟ قال: نعم . قال: "ماذا"؟ قال: خاتم فضة . قال: "من أعطاكه"؟ قال: ذاك القائم ، فإذا هو علي بن أبي طالب ، أعطانيه وهو راكع ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل .
وقال مجاهد: نزلت في علي بن أبي طالب ، تصدق وهو راكع .
والثاني: أن عبادة بن الصامت لما تبرأ من حلفائه اليهود نزلت هذه الآية في حقه ، رواه العوفي عن ابن عباس .
والثالث: أنها نزلت في أبي بكر الصديق ، قاله عكرمة .
والرابع: أنها نزلت فيمن مضى من المسلمين ومن بقي منهم ، قاله الحسن .
قوله تعالى: ويؤتون الزكاة وهم راكعون فيه قولان .
أحدهما: أنهم فعلوا ذلك في ركوعهم ، وهو تصدق علي عليه السلام بخاتمه في ركوعه . والثاني: أن من شأنهم إيتاء الزكاة وفعل الركوع .
[ ص: 384 ] وفي المراد بالركوع ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه نفس الركوع على ما روى أبو صالح عن ابن عباس . وقيل: إن الآية نزلت وهم في الركوع . والثاني: أنه صلاة التطوع بالليل والنهار ، وإنما أفرد الركوع بالذكر تشريفا له ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا .
والثالث: أنه الخضوع والخشوع ، وأنشدوا:
لا تذل الفقير علك أن تر كع يوما والدهر قد رفعه
ذكره الماوردي . فأما "حزب الله" فقال الحسن: هم جند الله . وقال أبو عبيدة: أنصار الله . ثم فيه قولان .
أحدهما: أنهم المهاجرون والأنصار ، قاله ابن عباس .
والثاني: الأنصار ، ذكره أبو سليمان .


