يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها: أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم حرموا اللحم والنساء على أنفسهم ، وأرادوا جب أنفسهم ليتفرغوا للعبادة ، فقال رسول الله: "لم أومر بذلك" ، ونزلت هذه الآية ، عثمان بن مظعون ، رواه عن العوفي وروى ابن عباس . عن أبو صالح قال: كانوا عشرة: ابن عباس ، أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وعثمان بن مظعون ، والمقداد بن الأسود ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر ، ، اجتمعوا في دار وعمار بن ياسر فتواثقوا على ذلك ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: عثمان بن مظعون ، ونزلت [ ص: 411 ] هذه الآية . قال "من رغب عن سنتي فليس مني" كان سبب عزمهم على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما ، فلم يزدهم على التخويف ، فرق الناس ، وبكوا ، فعزم هؤلاء على ذلك ، وحلفوا على ما عزموا عليه . وقال السدي: إن عكرمة: علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وعثمان بن مظعون ، والمقداد ، وسالما مولى أبي حذيفة في أصحابه ، تبتلوا ، فجلسوا في البيوت ، واعتزلوا النساء ، ولبسوا المسوح وحرموا طيبات الطعام واللباس ، إلا ما يأكل ويلبس أهل السياحة من بني إسرائيل ، وهموا بالاختصاء ، وأجمعوا لقيام الليل وصيام النهار ، فنزلت هذه الآية .
والثاني: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: إني إذا أكلت من هذا اللحم ، أقبلت على النساء ، وإني حرمته علي ، فنزلت هذه الآية ، رواه عن عكرمة ابن عباس .
والثالث: أن ضيفا نزل ولم يكن حاضرا ، فلما جاء ، قال لزوجته: هل أكل الضيف؟ فقالت: انتظرتك . فقال: حبست ضيفي من أجلي؟! طعامك علي حرام . فقالت: وهو علي حرام إن لم تأكله ، فقال الضيف: وهو علي حرام إن لم تأكلوه ، فلما رأى ذلك بعبد الله بن رواحة ، قال: قربي طعامك ، كلوا بسم الله ، ثم غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بذلك فقال: أحسنت ، ونزلت هذه [ ص: 412 ] الآية . ابن رواحة وقرأ حتى بلغ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم رواه عن أبيه . فأما "الطيبات" فهي اللذيذات التي تشتهيها النفوس مما أبيح . عبد الرحمن بن زيد
وفي قوله: ولا تعتدوا خمسة أقوال .
أحدها: لا تجبوا أنفسكم ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وإبراهيم .
والثاني: لا تأتوا ما نهى الله عنه ، قاله والثالث: لا تسيروا بغير سيرة المسلمين من ترك النساء ، وإدامة الصيام ، والقيام ، قاله الحسن . والرابع: لا تحرموا الحلال ، قاله عكرمة . . والخامس: لا تغصبوا الأموال المحرمة ، ذكره مقاتل . الماوردي