وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون
قوله تعالى وما من دابة في الأرض قال : يريد كل ما دب على الأرض . قال ابن عباس : وذكر الجناحين توكيد ، وجميع ما خلق لا يخلو إما أن يدب ، وإما أن يطير . [ ص: 35 ] قوله تعالى: الزجاج إلا أمم أمثالكم قال أصناف مصنفة . مجاهد:
وقال أجناس يعرفون الله ويعبدونه . أبو عبيدة:
وفي معنى "أمثالكم" أربعة أقوال .
أحدها: أمثالكم في كون بعضها يفقه عن بعض ، رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثاني: في معرفة الله ، قاله عطاء .
والثالث: أمثالكم في الخلق والموت والبعث ، قاله . الزجاج
والرابع: أمثالكم في كونها تطلب الغذاء ، وتبتغي الرزق ، وتتوقى المهالك ، قاله قال ابن قتيبة . وموضع الاحتجاج من هذه الآية أن الله تعالى ركب في المشركين عقولا ، وجعل لهم أفهاما ألزمهم بها أن يتدبروا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويتمسكوا بطاعته ، كما جعل للطير أفهاما يعرف بها بعضها إشارة بعض ، وهدى الذكر منها لإتيان الأنثى ، وفي كل ذلك دليل على نفاذ قدرة المركب ذلك فيها . ابن الأنباري:
قوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء في الكتاب قولان .
أحدهما: أنه اللوح المحفوظ . روى ابن أبي طلحة عن ما تركنا شيئا إلا وقد كتبناه في أم الكتاب ، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عباس: قتادة ، وابن زيد .
والثاني: أنه القرآن . روى عن عطاء ما تركنا من شيء إلا وقد بيناه لكم . فعلى هذا يكون من العام الذي أريد به الخاص ، فيكون المعنى: ما فرطنا في شيء بكم إليه حاجة إلا وبيناه في الكتاب ، إما نصا ، وإما مجملا ، وإما دلالة ، كقوله تعالى: ابن عباس: ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء [النحل:89 ]أي: لكل شيء يحتاج إليه في أمر الدين .
قوله تعالى: ثم إلى ربهم يحشرون فيه قولان . [ ص: 36 ] أحدهما: أنه الجمع يوم القيامة . قال: انتطحت شاتان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبو ذر أتدري فيما انتطحتا؟ قلت: لا . قال: لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما . أبا ذر وقال روى يحشر الله الخلق يوم القيامة ، البهائم والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدله أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول كوني ترابا ، فيقول الكافر: أبو هريرة: يا ليتني كنت ترابا .
والثاني: أن معنى حشرها: موتها ، قاله ابن عباس ، والضحاك .