قوله تعالى: ووهبنا له إسحاق ولدا لصلبه "ويعقوب" ولدا لإسحاق "كلا" من هؤلاء المذكورين هدينا أي: أرشدنا .
[ ص: 79 ] قوله تعالى: ومن ذريته في "هاء الكناية" قولان .
أحدهما: أنها ترجع إلى نوح; رواه عن أبو صالح واختاره ابن عباس ، الفراء ، ومقاتل ، وابن جرير الطبري .
والثاني: إلى إبراهيم ، قاله وقال عطاء . : كلا القولين جائز ، لأن ذكرهما جميعا قد جرى ، واحتج الزجاج للقول الأول بأن الله تعالى: ذكر في سياق الآيات ابن جرير لوطا ، وليس من ذرية إبراهيم . وأجاب عنه بأنه يحتمل أن يكون أراد: ووهبنا له أبو سليمان الدمشقي لوطا في المعاضدة والنصرة ، ثم قوله: وكذلك نجزي المحسنين من أبين دليل على أنه إبراهيم ، لأن افتتاح الكلام إنما هو بذكر ما أثاب به إبراهيم . فأما "يوسف" فهو اسم أعجمي . قال "يوسف" . بضم السين من غير همز ، لغة أهل الفراء: الحجاز ، وبعض بني أسد يقول: "يؤسف" بالهمز ، وبعض العرب يقول: "يوسف" بكسر السين ، وبعض بني عقيل يقول: "يوسف" بفتح السين .
قوله تعالى: وكذلك نجزي المحسنين أي: كما جزينا إبراهيم على توحيده وثباته على دينه ، بأن رفعنا درجته ، ووهبنا له أولادا أنبياء أتقياء ، كذلك نجزي المحسنين . فأما عيسى ، وإلياس ، واليسع ، ولوطا ، فأسماء أعجمية ، وجمهور القراء يقرؤون "اليسع" بلام واحدة مخففا ، منهم ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو وقرأ وابن عامر . حمزة ، هاهنا وفي "ص": "إلليسع" بلامين مع التشديد . قال والكسائي وهي أشبه بالصواب ، وبأسماء الأنبياء من بني إسرائيل ، ولأن الفراء: العرب لا تدخل على "يفعل" ، إذا كان في معنى فلان ، ألفا ولاما ، يقولون: [ ص: 80 ] هذا يسع قد جاء ، وهذا يعمر ، وهذا يزيد ، فهكذا الفصيح من الكلام .
وأنشدني بعضهم .
وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا شديدا بأحناء الخلافة كاهله
فلما ذكر الوليد بالألف واللام ، أتبعه يزيد بالألف واللام ، وكل صواب . وقال من قرأه بلام واحدة ، فالأصل عنده: يسع ، ومن قرأه بلامين ، فالأصل عنده: ليسع ، فأدخلوا عليه حرف التعريف . وباقي أسماء الأنبياء قد تقدم بيانها ، والمراد بالعالمين: عالمو زمانهم . مكي:
قوله تعالى: ومن آبائهم وذرياتهم "من" هاهنا للتبعيض . قال : المعنى: هدينا هؤلاء ، وهدينا بعض آبائهم وذرياتهم . الزجاج واجتبيناهم مثل اخترناهم واصطفيناهم ، وهو مأخوذ من جبيت الشيء: إذا أخلصته لنفسك . وجبيت الماء في الحوض: إذا جمعته فيه . فأما الصراط المستقيم ، فهو التوحيد .