[ ص: 125 ] يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين
قوله تعالى: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم قرأ الحسن ، وقتادة: "تأتكم" بالتاء ، رسل منكم واختلفوا في الرسالة إلى الجن على أربعة أقوال .
أحدها: أن الرسل كانت تبعث إلى الإنس خاصة ، وأن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .
والثاني: أن رسل الجن ، هم الذين سمعوا القرآن ، فولوا إلى قومهم منذرين ، روي عن ابن عباس أيضا . وقال مجاهد: الرسل من الإنس ، والنذر من الجن ، وهم قوم يسمعون كلام الرسل ، فيبلغون الجن ما سمعوا .
والثالث: أن الله تعالى بعث إليهم رسلا منهم ، كما بعث إلى الإنس رسلا منهم ، قاله الضحاك ، ومقاتل ، وأبو سليمان ، وهو ظاهر الكلام .
والرابع: أن الله تعالى لم يبعث إليهم رسلا منهم ، وإنما جاءتهم رسل الإنس ، قاله ابن جريج ، والفراء ، والزجاج . قالوا: ولا يكون الجمع في قوله: ألم يأتكم رسل منكم مانعا أن تكون الرسل من أحد الفريقين ، كقوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [الرحمن:22] ، وإنما هو خارج من الملح وحده .
وفي دخول الجن الجنة إذا آمنوا قولان .
أحدهما: يدخلونها ، ويأكلون ويشربون ، قاله الضحاك .
والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار ويصيروا ترابا ، رواه سفيان عن ليث . [ ص: 126 ] قوله تعالى: يقصون عليكم آياتي أي: يقرؤون عليكم كتابي . وينذرونكم أي: يخوفونكم بيوم القيامة . وفي قوله: شهدنا على أنفسنا قولان .
أحدهما: أقررنا على أنفسنا بإنذار الرسل لنا .
والثاني: شهد بعضنا على بعض بإنذار الرسل إياهم . ثم أخبرنا الله تعالى بحالهم ، فقال: وغرتهم الحياة الدنيا أي: بزينتها ، وإمهالهم فيها . وشهدوا على أنفسهم أي: أقروا أنهم كانوا في الدنيا كافرين . وقال مقاتل: ذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر .


