[ 35 ] يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون .
يوم يحمى عليها أي : يوقد عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم أي : ويقال لهم ضما إلى ما هم فيه ، هذا ما كنزتم لأنفسكم أي : لتتلذذوا به ، فكان سبب تعذيبها فذوقوا ما كنتم تكنزون أي : وباله ، وهو ألمه وشدته بالكي .
وفي هذه الآية فوائد :
الأولى : قال بعضهم في قوله تعالى : ( ليأكلون ) دلالة على تحريم الرشا على الباطل ، وقد ورد . « لعن الله الراشي والمرتشي »
وكذا تحريم أخذ العوض على فعل الواجب، وفي جواز الدفع ليتوصل إلى حقه خلاف .
رجح الجواز ليتوصل إلى الحق ، كالاستفداء .
قال يدخل في الحاكم الأحكام والشهادات والفتاوى وأصول الدين وفروعه ، وكل من حرف شيئا لغرض الدنيا . انتهى . تحريم الرشا
الثانية : في الآية - كما قال - تحذير من علماء السوء وعباد الضلال ، كما قال ابن كثير : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى . سفيان بن عيينة
وفي الحديث الصحيح : « لتركبن سنن من قبلكم حذو [ ص: 3134 ] القذة بالقذة » ، قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : « فمن ؟ » ، وفي رواية : فارس والروم ؟ قال : « ومن الناس إلا هؤلاء ؟ » . ثم أنشد : لابن المبارك
وهل أفسد الدين إلا الملو ك ، وأحبار سوء ورهبانها
الثالثة : قوله تعالى : ( والذين ) مبتدأ ، والخبر : يكنزون أو منصوب تقديره : بشر الذين يكنزون .
والتعريف في الموصول للعهد والمعهود ، إما الأحبار والرهبان ، وإما المسلمون الكانزون ، لجري ذكر الفريقين ، وإما ما هو أعم .
والأول روي عن ، والثاني عن معاوية ، والثالث عن السدي ابن عباس . وأبي ذر
قال : يجوز أن يكون الموصو إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان ، للدلالة على اجتماع خصلتين مذمومتين فيهم : أخذ البراطيل ، وكنز الأموال والضن بها عن الإنفاق في سبيل الله . الزمخشري
ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين ويقرن بينهم وبين المرتشين من اليهود والنصارى تغليظا ، ودلالة على أن من يأخذ منهم السحت ، ومن لا يعطي منكم طيب ماله ، سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم . انتهى .
قال في ( " الأنوار " ) : ويؤيد الثاني رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم » عمر - رواه أنه لما نزل كبر على المسلمين ، فذكر أبو داود وصححه - . والحاكم
وقوله صلى الله عليه وسلم : - أخرجه « ما أدي زكاته فليس بكنز » الطبراني – [ ص: 3135 ] أي : ليس بالكنز المتوعد عليه في الآية ، فإن الوعيد على الكنز مع عدم الإنفاق فيما أمر الله أن ينفق فيه . والبيهقي
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ونحوه ، فالمراد منها : ما لم يؤد حقها ، لقوله صلى الله عليه وسلم ، فيما أورده الشيخان : « من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها » في " تاريخه " ، البخاري في " صحيحه " ، عن ومسلم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة . انتهى . « ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره »
وقد اشتهرت محاورة معاوية في هذه الآية . لأبي ذر
روى عن البخاري قال : مررت زيد بن وهب بالربذة ، فإذا ، فقلت : ما أنزلك هذا المنزل ؟ قال : كنت في بأبي ذر الشام ، فاختلفت أنا في هذه الآية : ومعاوية
والذين يكنزون الذهب والفضة فقال : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : نزلت فينا وفيهم ، فكان بيني وبينه في ذلك كلام ، فكتب إلى معاوية يشكوني ، فكتب إلي عثمان أن اقدم عثمان المدينة فقدمتها ، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك ، فذكرت ذلك ، فقال : إن شئت تنحيت ، فكنت قريبا . لعثمان
فذاك الذي أنزلني هذا المنزل ، ولو أمر علي عبد حبشي لسمعت وأطعت .
في رواية ، بعد قول ولابن جرير له : تنح قريبا ، قلت : والله لن أدع ما كنت أقول . عثمان
وروى أن أبو يعلى كان يحدث ويقول : لا يبيتن عند أحدكم دينار ولا درهم ، إلا ما ينفقه في سبيل الله ، أو يعده لغريم . أبا ذر
فكتب إلى معاوية : إن كان لك عثمان بالشام [ ص: 3136 ] حاجة ، فابعث إلى ، فكتب إليه أبي ذر أن اقدم علي ، فقدم . عثمان
قال : كان من مذهب ابن كثير رضي الله عنه تحريم أبي ذر ، وكان يفتي بذلك ، ويحثهم عليه ، ويأمرهم به ، ويغلظ في خلافه ، فنهاه ادخار ما زاد على نفقة العيال فلم ينته . معاوية
فخشي أن يضر بالناس في هذا ، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين ، وأن يأخذه إليه ، فاستقدمه عثمان إلى عثمان المدينة ، ثم أنزله بالربذة : وبها مات رضي الله عنه في خلافة . عثمان
وقد اختبره رضي الله عنه وهو عنده ، هل يوافق عمله قوله ، فبعث إليه بألف دينار ، ففرقها من يومه ، ثم بعث إليه الذي أتاه بها فقال : إن معاوية إنما بعثني إلى غيرك فأخطأت فهات الذهب . معاوية
فقال : ويحك ! إنها خرجت ، ولكن إذا جاء مالي حاسبناك به .
وقال : قدمت الأحنف بن قيس المدينة فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش ، إذ جاء رجل أخشن الثياب ، أخشن الجسد ، أخشن الوجه ، فقام عليهم فقال : بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم ، ثم يوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه ، يتزلزل .
قال : فوضع القوم رؤوسهم ، فما رأيت أحدا منهم رجع إليه شيئا . قال : وأدبر واتبعته حتى جلس إلى فقلت : ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم ، فقال : إن هؤلاء لا يعلمون شيئا ، إنما يجمعون الدنيا - رواه معاوية ، مسلم نحوه - . وللبخاري
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا ، [ ص: 3137 ] يمر علي ثلاثة أيام ، وعندي منه شيء ، إلا دينار أرصده لدين » لأبي ذر . قال
قال : فهذا - والله أعلم - هو الذي حدا ابن كثير على القول بهذا . أبا ذر
أي : وما أخرجه الشيخان أيضا عنه ، قال : الكعبة ، فلما رآني قال : « هم الأخسرون ورب الكعبة ! » قال : فجئت حتى جلست ، فلم أتقار حتى قمت فقلت : يا رسول الله ! فداك أبي وأمي ، من هم ؟ قال : « هم الأكثرون أموالا ، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ، من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، وقليل ما هم » . انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل
وروى الإمام عن أحمد عبد الله بن الصامت رضي الله عنه ، أنه كان مع ، فخرج عطاؤه ومعه جارية ، فجعلت تقضي حوائجه ، ففضلت معها سبعة ، فأمرها أن تشتري به فلوسا . أبي ذر
قال : قلت : لو ادخرته لحاجة يومك ، وللضيف ينزل بك قال : إن خليلي عهد إلي أن أيما ذهب أو فضة أوكئ عليه ، فهو جمر على صاحبه ، حتى يفرغه في سبيل الله عز وجل إفراغا .
قال : وردت عن ابن عبد البر آثار كثيرة ، تدل على أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت ، وسداد العيش ، فهو كنز يذم فاعله ، وأن آية الوعيد نزلت في ذلك ، وخالفه جمهور الصحابة ومن بعدهم ، وحملوا الوعيد على أبي ذر ، وأصح ما تمسكوا به حديث مانعي الزكاة طلحة وغيره في قصة الأعرابي ، حيث قال : . انتهى . هل علي غيرها قال : « لا ، إلا أن تطوع »
[ ص: 3138 ] وبالجملة ، فالجمهور على أن الكنز المذموم ما لم تؤد زكاته . وقد ترجم لذلك في ( " صحيحه " ) فقال : ( باب ما أدي زكاته فليس بكنز ) . البخاري
ويشهد له حديث مرفوعا : أبي هريرة . « إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك »
- حسنه وصححه الترمذي - . الحاكم
وعن : كل ما أديت زكاته ، وإن كان تحت سبع أرضين ، فليس بكنز وكل ما لا تؤدى زكاته فهو كنز ، وإن كان ظاهرا على وجه الأرض . ابن عمر
- أورده مرفوعا ، ثم قال : المشهور وقفه ، كحديث البيهقي : جابر . أخرجه « إذا أديت زكاة مالك ، فقد أذهبت عنك شره » ، والمرجح وقفه . الحاكم
هذا وذهب رضي الله عنهما ومن وافقه إلى أن الزكاة نسخت وعيد الكنز . ابن عمر
روى في " صحيحه " أن أعرابيا قال البخاري : أخبرني عن قول الله تعالى : لابن عمر والذين يكنزون الذهب والفضة الآية ، قال : من كنزها فلم يؤد زكاتها ، فويل له . ابن عمر
إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة ، فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال .
زاد : ثم قال ابن ماجه : ما كنت أبالي لو كان لي مثل ابن عمر أحد ذهبا ، أعلم عدده ، أزكيه وأعمل فيه بطاعة الله تعالى .
ورواه في كتاب ( " الناسخ والمنسوخ " ) ، فهذا يشعر بأن الوعيد على الاكتناز . وهو حبس ما فضل عن الحاجة عن المواساة به ، كان في أول الإسلام ، ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة ، لما فتح الله الفتوح ، وقدرت نصب الزكاة . أبو داود
ويشعر أيضا [ ص: 3139 ] بأن كان في السنة التاسعة من الهجرة ، وجزم به فرض الزكاة في ( " تاريخه " ) ، وقواه بعضهم بما وقع في قصة ابن الأثير ثعلبة بن حاطب المطولة ، ففيها . وأقول : إنما وجبت في التاسعة . لما أنزلت آية الصدقة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عاملا فقال : « ما هذه إلا جزية أو أخت الجزية »
وأقول : هذا الحديث ضعفوه ، والأقوى منه كون هذه السورة التي فيها هذه الآية نزلت في السنة التاسعة كما قدمنا ، فإذا نسخت بالزكاة كانت الزكاة في تلك السنة أو بعدها قطعا .
قال ابن حجر في ( " الفتح " ) : والظاهر أن ذلك كان في أول الأمر كما تقدم عن ، واستدل له ابن عمر بقوله تعالى : ابن بطال ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو أي : ما فضل عن الكفاية ، فكان ذلك واجبا في أول الأمر ، ثم نسخ - والله أعلم - .
وفي المسند من طريق يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال : كان يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الشدة ، ثم يخرج إلى قومه ، ثم يرخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمع للرخصة ، ويتعلق بالأمر الأول . أبو ذر
وما سقناه من مذهب ، هو ما ساقه المفسرون وشراح الحديث . أبي ذر
وزعم بعضهم أن الذي حدا لذلك ما رآه من استئثار أبا ذر بالفيء حيث قال : الذي صح أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم كانوا يعتبرون الفيء لكافة المسلمين ، يستوي فيه المقاتلون وغيرهم ، ولعله باعتبار أن القتال فريضة على كل المسلمين فكلهم داخل تحت ذلك الحكم . معاوية
قال : والذي يؤيد أنه لكافة المسلمين ، أن رضي الله عنه لما كان أبا ذر بالشام ، والوالي عليها من [ ص: 3140 ] قبل الخليفة عثمان رضي الله عنهما ، ورأى من معاوية ما يشعر بحرصه على ادخار المال في بيت المال ، لصرفه في وجوه المصالح التي يراها للمسلمين ، وكان معاوية مشهورا بالورع شديد الحرص على حقوق المسلمين ، يقول الحق ولو على نفسه . أبو ذر
أخذ يتكلم بهذا الأمير بين الناس ، واتخذ له حزبا من أهل الشام يساعده على مطالبة برد المال للمسلمين ، وبيان عدم الرضا بكنزه في بيت المال ، لأي حال من الأحوال ، إلا لتوزيعه على كافة المسلمين لاشتراكهم بما أفاء الله عليهم أجمعين ، وتابعه على قوله جماعة كثيرون كانوا يجتمعون لهذا القصد سرا وجهرا ، حتى كادت تكون فتنة ، فشكاه معاوية إلى الخليفة معاوية رضي الله عنهم أجمعين ، فنفاه إلى عثمان الربذة خوفا من حدوث ما لا تحمد عقباه . انتهى .
ونقل ما يقرب منه ابن حجر في ( " الفتح " ) حيث قال : والصحيح أن إنكار كان على السلاطين الذين يأخذون المال لأنفسهم ولا ينفقونه في وجهه . أبي ذر
الرابعة : إنما قيل : ولا ينفقونها بضمير المؤنث ، مع أن الظاهر التثنية ، إذ المذكور شيئان لأن المراد بهما دنانير ودراهم كثيرة ، وذلك لأن الكثير منهما هو الذي يكون كنزا ، فأتى بضمير الجمع للدلالة على الكثرة ، ولو ثنى احتمل خلافه . وقيل : الضمير عائد على الكنوز أو الأموال المفهومة من الكلام ، فيكون الحكم عاما ، ولذا عدل فيه عن الظاهر . وتخصيصهما بالذكر لأنهما الأصل الغالب في الأموال للتخصيص .
وقيل : الضمير للفضة ، واكتفى بها ، لأنها أكثر ، والناس إليها أحوج ، ولأن الذهب يعلم منها بالطريق الأولى ، مع قربها لفظا .
الخامسة : في قوله تعالى : ( فبشرهم ) تهكم بهم ، كما في قوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
[ ص: 3141 ] وقيل : البشارة هي الخبر الذي يتغير له لون البشرة ، لتأثيره في القلب ، سواء كان من الفرح أو من الغم .
السادسة : قيل في تخصيص هذه الأعضاء الثلاثة بالكي دون غيرها ، بأن جمع ذويها وإمساكهم كان لطلب الوجاهة بالغنى والتنعم بالمطاعم الشهية ، والملابس البهية ، فلوجاهتهم ورئاستهم المعروفة بوجوههم كان الكي بجباههم ، ولامتلاء جنوبهم بالطعام كووا عليها ، ولما لبسوه على ظهورهم كويت .
وقيل : لأنهم إذا سألهم فقير تبدو منهم آثار الكراهة والمنع ، فتكلح وجوههم ، وتقطب . ثم إذا كرر الطلب ازوروا عنه وتركوه جانبا ، ثم إذا ألح ولوه ظهورهم واستقبلوا جهة أخرى ، وهي النهاية في الرد ، والغاية في المنع الدال على كراهية الإعطاء والبذل .
وهذا دأب مانعي البر والإحسان ، وعادة البخلاء ، فكان ذلك سببا لكي هذه الأعضاء . وقيل : لأن هذه الأعضاء أشرف الأعضاء الظاهرة ، إذ هي المشتملة على الأعضاء الرئيسية التي هي الدماغ والقلب والكبد ، أو لأنها أصول الجهات الأربع التي هي مقاديم البدن ومآخره وجنباه ، فيكون كناية عن جميع البدن .
وقال القاشاني : جمع المال وكنزه مع عدم الإنفاق لا يكون إلا لاستحكام رذيلة الشح ، وحب المال ، وكل رذيلة لها كية يعذب بها صاحبها في الآخرة ويخزى بها في الدنيا . ولما كانت مادة رسوخ تلك الرذيلة واستحكامها هي ذلك المال ، وكان هو الذي يحمى عليه في نار جحيم الطبيعة ، وهاوية الهوى ، فيكوى به .
وإنما خصت هذه الأعضاء ، لأن الشح مركوز في النفس ، والنفس تغلب القلب من هذه الجهات ، لا من جهة العلو التي هي جهة استيلاء الروح ، وممر الحقائق والأنوار ، ولا من جهة السفل التي هي من جهة الطبيعة الجسمانية ، لعدم تمكن الطبيعة من ذلك ، فبقيت سائر الجهات ، فيؤذى بها من الجهات الأربع ويعذب ، كما تراه يعاب بها في الدنيا ، ويجزى من هذه الجهات أيضا ، إما بأن يواجه بها جهرا فيفضح ، أو يسار بها في جنبه ، أو يغتاب بها من وراء ظهره . انتهى .
[ ص: 3142 ] السابعة : قال : ( يوم ) من قوله تعالى : أبو البقاء يوم يحمى عليها ظرف على المعنى ، أي : يعذبهم في ذلك اليوم .
وقيل : تقديره عذاب يوم ، وعذاب بدل من الأول ، فلما حذف المضاف أقام ( اليوم ) مقامه . وقيل : التقدير اذكروا ، و ( عليها ) في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل .
وقيل : القائم مقام الفاعل مضمر ، أي : يحمى الوقود أو الجمر ، و ( بها ) أي : بالكنوز . وقيل هي بمعنى ( فيها ) ، أي : في جهنم وقيل : ( يوم ) ظرف لمحذوف تقديره : يوم يحمى عليها يقال لهم هذا ما كنزتم .
ولما بين تعالى فيما تقدم إقدام الأحبار والرهبان على تغيير أحكام الله تعالى إيثارا لحظوظهم ، أتبعه بما جرأ عليه المشركون ، في نظيره من تغيير الأشهر التي حرمها الله تعالى بغيرها ، وهو النسيء الآتي ، وقوفا مع شهواتهم أيضا ، فنعى عليهم سعيهم في تغيير حكم السنة بحسب أهوائهم وآرائهم مما أوجب زيادة كفرهم ، فقال سبحانه :