القول في تأويل قوله تعالى:
[ 29 ] يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين
يوسف أعرض عن هذا نودي بحذف حرف النداء، لقربه وكمال تفطنه للحديث.
[ ص: 3534 ] أي: يا يوسف أعرض عن هذا الأمر واكتمه، ولا تحدث به.
واستغفري لذنبك أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب، ثم قذفه بما هو بريء منه.
إنك كنت من الخاطئين أي من جملة القوم المتعمدين للذنب. يقال: خطئ إذا أذنب متعمدا، وأخطأ إذا فعله من غير تعمد. ولهذا يقال: أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب. وإيثار جمع السالم تغليبا للذكور على الإناث. ودل هذا على أن العزيز كان رجلا حليما; إذ اكتفى من مؤاخذتها بهذا المقدار.
قال أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه. ويقال: إنه كان قليل الغيرة. ابن كثير:
قال الشهاب: وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام.
وقال أبو حيان: إنه مقتضى تربة مصر. انتهى.
وقد تقرر لدى المحققين أن لاختلاف أحوال العمران في الخصب والجدب، وأقاليمه في الحرارة والبرودة وتوابعها -أثرا في أخلاق البشر وأبدانهم- انظر المقدمة الرابعة والخامسة من (مقدمة ابن خلدون).
ثم ذكر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة -وهي مصر- بقوله: