القول في تأويل قوله تعالى : 
[2] يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد    . 
{ يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت   } أي : عن إرضاعها . أو عن الذي أرضعته وهو الطفل : { وتضع كل ذات حمل حملها   } أي : ما في بطنها لغير تمام : { وترى الناس سكارى   } أي : كأنهم سكارى : { وما هم بسكارى   } أي : على التحقيق : { ولكن عذاب الله شديد   } أي : ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله ، هو الذي أذهب عقولهم ، وطير تمييزهم ، وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه . قاله  الزمخشري   . 
لطيفة : 
قال الناصر  في (" الانتصاف " ) : العلماء يقولون : إن من أدلة المجاز صدق نقيضه ، كقولك : (زيد حمار ) ، إذا وصفته بالبلادة . ثم يصدق أن تقول : (وما هو بحمار ) ، فتنفي عنه الحقيقة . فكذلك الآية . بعد أن أثبت السكر المجازي نفي الحقيقي أبلغ نفي مؤكد بالباء . والسر في تأييده التنبيه على أن هذا السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ، ليس من المعهود في شيء ، وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله . والاستدراك بقوله : { ولكن عذاب الله شديد   } راجع إلى قوله : { وما هم بسكارى   } كأنه تعليل لإثبات السكر المجازي . كأنه قيل إذا لم يكونوا سكارى من الخمر ، وهو السكر المعهود ، فما هذا السكر الغريب وما سببه ؟ فقال : سببه شدة عذاب الله تعالى . انتهى . 
 [ ص: 4323 ] ثم أشير لحال المنكرين للساعة ، بقوله تعالى : 
				
						
						
