القول في تأويل قوله تعالى:
[48 - 50] الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينـزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير .
الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء إما سائرا وواقفا، مطبقا وغير مطبق، من جانب دون جانب، إلى غير ذلك: ويجعله كسفا أي: قطعا تارة أخرى: فترى الودق أي: المطر: يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينـزل عليهم أي: المطر: [ ص: 4787 ] من قبله لمبلسين أي: لآيسين. قال : من قبله، من باب التكرير والتوكيد، كقوله تعالى: الزمخشري فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ومعنى التوكيد فيه، الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد، فاستحكم يأسهم وتمادى إبلاسهم، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. انتهى.
وعكسه رحمه الله فقال: إنه يدل على ابن عطية سرعة تقلب القلوب البشرية، من الإبلاس إلى الاستبشار.
قال الشهاب: وما ذكره أقرب; لأن المتبادر من القبلية الاتصال، وتأكيده دال على شدة اتصاله: ابن عطية فانظر إلى آثار رحمت الله أي: أثر الغيث من النبات والأشجار والحبوب والثمار: كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك أي: العظيم الشأن الذي ذكر بعض شؤونه: لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير