القول في تأويل قوله تعالى:
[ 63 ] أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار .
أتخذناهم سخريا قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة لـ: (رجالا). وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم، وتأنيب لها في الاستسخار منهم. وقوله تعالى: أم زاغت عنهم الأبصار أي: مالت عنهم كبرا، وتنحت عنهم أنفة. والمعنى أي الفعلين فعلنا بهم، السخرية منهم أم الإزراء بهم، على معنى إنكار الأمرين على أنفسهم، تحسرا وندامة على ما فعلوا، وعلى ما حاق بهم وحدهم من سوء العذاب، وقيل: (أم)، بمعنى (بل); أي: بل زاغت عنهم أبصارنا لخفاء مكانهم علينا في النار; كأنهم يسلون أنفسهم بالمحال، يقولون: أو لعلهم معنا في جهنم، ولكن لم يقع بصرنا عليهم، فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات، وهو قوله عز وجل: ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين إلى قوله: ادخلوا الجنة الآية. وقيل: (أم) بمعنى (بل) أيضا، أي: بل زاغت عنهم أبصارنا لكونهم في دار أخرى وهي دار النعيم. وقرئ (سخريا) بضم السين، وكسرها.