[ ص: 5233 ] القول في تأويل قوله تعالى:

[ 15] nindex.php?page=treesubj&link=19893_28657_30347_30530_30561_32022_32509_33536_34447_34513_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنـزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير .

nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15فلذلك فادع أي: فلأجل ما ذكر من التفرق والشك المريب، فادع الناس كافة إلى إقامة الدين لمقاومة الباطل ودحره، وهتك وساوسه: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15واستقم أي: على الدعوة إليه، والصدع به: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15كما أمرت أي: أوحي إليك. nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنـزل الله من كتاب أي: أي كتاب كان، لا كالذين آمنوا ببعض، وكفروا بعض. وفيه تحقيق للحق، وبيان لاتفاق الكتب في الأصول، وتأليف لقلوب أهل الكتابين، وتعريض بهم. أفاده أبو السعود .

nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وأمرت لأعدل بينكم أي: لأسوي بينكم في دعوة واحدة، كما قال تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ثم أشار إلى أن ما وراء الأمر المذكور، والتبليغ به من الحساب، فهو إليه تعالى. فقال: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم أي: لا خصومة ولا محاجة بعد هذا; لأن الحق قد ظهر، ولم يبق للمحاجة حاجة، ولا للمخالفة محل سوى المكابرة. والحجة في الأصل مصدر بمعنى الاحتجاج. كما ذكره الراغب. وتكون بمعنى الدليل. والمراد هو الأول دون الثاني. وهو ظاهر. nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15الله يجمع بيننا أي: يوم القيامة، فيقضي بالحق فيما اختلفنا: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وإليه المصير أي: المعاد والمرجع للجزاء.

[ ص: 5234 ] تنبيهان:

الأول: تفسير العدل بما ذكرناه؛ لأنه الذي يقتضيه سياق الكلام لاسيما والسورة مكية، ولم يكن مظهره صلوات الله عليه بها فصل الخصومات والقضاء في الحكومات. نعم من ذهب إلى ذلك فإنما وقف مع عمومها. ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعدل حتى مات . nindex.php?page=treesubj&link=19829_19830والعدل ميزان الله في الأرض ، به يأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل يصدق الله الصادق، ويكذب الكذاب، وبالعدل يرد المعتدي ويوبخه.

الثاني: قال nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : اشتملت هذه الآية الكريمة على عشر كلمات مستقلات. كل منها منفصلة عن التي قبلها. حكم برأسها. قالوا: ولا نظير لها سوى آية الكرسي. فإنها أيضا عشرة فصول كهذه. انتهى.

[ ص: 5233 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:

[ 15] nindex.php?page=treesubj&link=19893_28657_30347_30530_30561_32022_32509_33536_34447_34513_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ .

nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15فَلِذَلِكَ فَادْعُ أَيْ: فَلِأَجَلِ مَا ذُكِرَ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالشَّكِّ الْمُرِيبِ، فَادْعُ النَّاسَ كَافَّةً إِلَى إِقَامَةِ الدِّينِ لِمُقَاوَمَةِ الْبَاطِلِ وَدَحْرِهِ، وَهَتْكِ وَسَاوِسِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وَاسْتَقِمْ أَيْ: عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالصَّدْعِ بِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15كَمَا أُمِرْتَ أَيْ: أُوحِيَ إِلَيْكَ. nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ أَيْ: أَيَّ كِتَابٍ كَانَ، لَا كَالَّذِينِ آمَنُوا بِبَعْضٍ، وَكَفَرُوا بَعْضٍ. وَفِيهِ تَحْقِيقٌ لِلْحَقِّ، وَبَيَانٌ لِاتِّفَاقِ الْكُتُبِ فِي الْأُصُولِ، وَتَأْلِيفٌ لِقُلُوبِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَتَعْرِيضٌ بِهِمْ. أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ .

nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ أَيْ: لِأُسَوِّيَ بَيْنَكُمْ فِي دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ مَا وَرَاءَ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ، وَالتَّبْلِيغِ بِهِ مِنَ الْحِسَابِ، فَهُوَ إِلَيْهِ تَعَالَى. فَقَالَ: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ أَيْ: لَا خُصُومَةَ وَلَا مُحَاجَّةَ بَعْدَ هَذَا; لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ ظَهَرَ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُحَاجَّةِ حَاجَةٌ، وَلَا لِلْمُخَالَفَةِ مَحَلٌّ سِوَى الْمُكَابَرَةِ. وَالْحُجَّةُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاحْتِجَاجِ. كَمَا ذَكَرَهُ الرَّاغِبُ. وَتَكُونُ بِمَعْنَى الدَّلِيلِ. وَالْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي. وَهُوَ ظَاهِرٌ. nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقْضِي بِالْحَقِّ فِيمَا اخْتَلَفْنَا: nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=15وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ أَيِ: الْمَعَادُ وَالْمَرْجِعُ لِلْجَزَاءِ.

[ ص: 5234 ] تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: تَفْسِيرُ الْعَدْلِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ لَاسِيَّمَا وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ مَظْهَرُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهَا فَصْلَ الْخُصُومَاتِ وَالْقَضَاءَ فِي الْحُكُومَاتِ. نَعَمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا وَقَفَ مَعَ عُمُومِهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ : أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْدِلَ حَتَّى مَاتَ . nindex.php?page=treesubj&link=19829_19830وَالْعَدْلُ مِيزَانُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، بِهِ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، وَلِلضَّعِيفِ مِنَ الشَّدِيدِ، وَبِالْعَدْلِ يُصَدِّقُ اللَّهُ الصَّادِقَ، وَيُكَذِّبُ الْكَذَّابَ، وَبِالْعَدْلِ يَرُدُّ الْمُعْتَدِيَ وَيُوَبِّخُهُ.

الثَّانِي: قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى عَشْرِ كَلِمَاتٍ مُسْتَقِلَّاتٍ. كُلٌّ مِنْهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا. حُكْمٌ بِرَأْسِهَا. قَالُوا: وَلَا نَظِيرَ لَهَا سِوَى آيَةِ الْكُرْسِيِّ. فَإِنَّهَا أَيْضًا عَشَرَةُ فُصُولٍ كَهَذِهِ. انْتَهَى.