القول في تأويل قوله تعالى:
[24] وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا .
وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم أي: قضى بينهم وبينكم المكافة والمحاجزة، بعد ما خولكم الظفر عليهم والغلبة، إشارة إلى منة الصلح ونعمته في الحديبية، وأن ذلك عناية منه تعالى بما حفظ من أنفسهم وأموالهم، ولطف بهم يومئذ لما ادخر لهم بعده.
وقد ذهب بعضهم إلى أنه عنى بهذا الكف، ما كان يوم الفتح، ونظر فيه بأن السورة نزلت قبله.
وقال حدثني من لا أتهم عن ابن إسحاق: أن عكرمة مولى ابن عباس قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين، وأمروهم أن يطوفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا من أصحابه أخذا، فأخذوا أخذا. فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنهم، وخلى سبيلهم. وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل. قال ففي ذلك قال: ابن إسحاق: وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية.
وروى عن ابن جرير قال: مجاهد أقبل معتمرا نبي الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ أصحابه ناسا من أهل الحرم غافلين، فأرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم. فذلك الإظفار ببطن مكة .
قال بطن قتادة: مكة ، الحديبية .
وكان الله بما تعملون بصيرا أي: فيجازيكم عليه.
[ ص: 5422 ]