القول في تأويل قوله تعالى:
[ 17 - 19 ] اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى
اذهب إلى فرعون إنه طغى أي: عتا وتجاوز حده في وانتحال صفات الربوبية، ونسبتها إلى نفسه. العدوان على بني إسرائيل،
فقل هل لك إلى أن تزكى أي: تتزكى [ ص: 6049 ] وتتطهر من و "إلى" متعلقة بمبتدأ محذوف. أي: هل لك سبيل أو رغبة إلى أن تتزكى؟ دنس الشرك والطغيان.
وقال : لما كان المعنى: أدعوك، جيء بـ: "إلى" فجعل الظرف متعلقا بمعنى الكلام، أو بمقدر يدل عليه. أبو البقاء
وأهديك إلى ربك أي: أرشدك إلى علم يرضيه عنك، وذلك الدين القيم فتخشى أي: عقابه من سلب الملك وإذاقة البأس مكان النعم، وذلك بأداء ما ألزمك من فرائضه واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه. وفيه إشارة إلى أن الخشية مسببة عن العلم، كما في آية: إنما يخشى الله من عباده العلماء أي: العلماء به.
قال : ذكر الخشية لأنها ملاك الأمر; الزمخشري ومن أمن اجترأ على كل شر. وبدأ مخاطبته بالاستفهام الذي معناه العرض، كما يقول الرجل لضيفه: هل لك أن تنزل بنا؟ وأردفه الكلام الرفيق; ليستدعيه بالتلطف في القول، ويستنزله بالمداراة من عتوه. كما أمر بذلك في قوله: من خشي الله أتى منه كل خير، فقولا له قولا لينا انتهى.