القول في تأويل قوله تعالى:
[ 13 - 19 ] إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين [ ص: 6089 ] وما هم عنها بغائبين وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله
إن الأبرار لفي نعيم قال : أي: إن الذين بروا بأداء فرائض الله، واجتناب معاصيه، لفي ابن جرير ينعمون فيها. نعيم الجنان
والأبرار جمع (بر) بفتح الباء وهو المتصف بالبر (بكسرها)، أي: الطاعة. قال الأصفهاني: وقد اشتمل عليه قوله تعالى:
ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون وقوله تعالى: وإن الفجار لفي جحيم أي: أي: انشقوا عنه وخالفوه، وهم من لم توجد فيهم نعوت الأبرار المذكورة في الآية قبل. الذين فجروا عن أمر الله،
يصلونها يوم الدين أي: يوم يدان العباد بالأعمال، فيجازون بها، وما هم عنها بغائبين أي: بخارجين، لأنهم مخلدون في صليها. وقوله تعالى: وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين تفخيم لأمر ذلك اليوم وتعظيم لشأنه، أي: أي شيء أعلمك به؟ أي: أنت لا تدريه مع أنه من أوجب ما تهم درايته والبحث عنه. [ ص: 6090 ] والخطاب للإنسان المتقدم أول السورة.
ثم فسر تعالى بعض شأنه بقوله: يوم لا تملك نفس لنفس شيئا أي: من دفع ضر أو كشف هم، والأمر يومئذ لله أي: أمر الملك الظاهر ونفوذ القضاء القاهر، يومئذ لله وحده ; لاضمحلال الممالك وذهاب الرياسات.
قال الرازي: وهو وعيد عظيم، من حيث إنه عرفهم أنه لا يغني عنهم إلا يومئذ، دون سائر ما كان قد يغني عنهم في الدنيا من مال وولد وأعوان وشفعاء. البر والطاعة