القول في تأويل قوله تعالى:
[ 11 - 17 ] والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع إنه لقول فصل وما هو بالهزل [ ص: 6126 ] إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا
والسماء ذات الرجع أي: المطر; يسمى رجعا لأنه تعالى يرجعه وقتا فوقتا إلى العباد، ولولاه لهلكوا وهلكت مواشيهم.
والأرض ذات الصدع أي: النبات; لأنه يصدع الأرض، أي: يشقها، أي: الانشقاق بالنبات، فهو علم أو مصدر.
إنه أي: القرآن الكريم لقول فصل أي: حق فرق بين الحق والباطل وما هو بالهزل أي: بالكلام الذي ليس له أصل في الفطرة ولا معنى في القلب، بل هو جد الجد.
إنهم أي: المكذبين به، الجاحدين لحقه يكيدون كيدا أي: يمكرون مكرا لإبطال أمر الله وإطفاء نوره.
وأكيد كيدا قال : أي: وأمكر مكرا. ومكره جل ثناؤه بهم إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به. يعني أن الكيد هنا استعارة تبعية أو تمثيلية، بتشبيه إمهال الله لهم ليستدرجهم بالكيد، وبهذا يظهر تفريع أمره بإمهالهم في قوله: ابن جرير فمهل الكافرين أي: لا تستعجل عقابهم.
وقوله: أمهلهم بمعنى: (مهلهم)، فهو بدل منه للتأكيد. أو تكرير بلفظ آخر للتأكيد. وقوله: رويدا أي: قليلا.
قال الإمام: وفي ذلك وعيد شديد لهم بأن ما يصيبهم قريب، سواء كان في الحياة الدنيا أو فيما بعد الموت. ثم فيه الوعد للنبي صلى الله عليه وسلم بل لكل داع إلى الحق الذي جاء به، أنه سيبلغ من النجاح ما يستحقه عمله، وأن المناوئين له هم الخاسرون.