القول في تأويل قوله تعالى :
[ 141 ] وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين
وليمحص الله الذين آمنوا أي : لينقيهم ويخلصهم من الذنوب ومن آفات النفوس . وأيضا فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين ، فتميزوا منهم . فحصل لهم تمحيصان : تمحيص من نفوسهم ، وتمحيص ممن كان يظهر أنه منهم وهو عدو . ثم ذكر حكمة أخرى وهي محق الكافرين بقوله : ويمحق الكافرين أي : يهلكهم ، فإنهم إذا ظفروا بغوا وبطروا . فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم ، إذ جرت سنة الله تعالى ، إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم ، قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم . ومن أعظمها - بعد كفرهم - بغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسليط عليهم . والمحق : ذهاب الشيء بالكلية حتى لا يرى منه شيء ، وقد محق الله الذين حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ، وأصروا على الكفر جميعا ، ثم أنكر تعالى عليهم حسبانهم وظنهم أنهم يدخلون الجنة بدون الجهاد في سبيله والصبر على أذى أعدائه ، وأن هذا ممتنع بحيث ينكر على من ظنه وحسبه : فقال :
[ ص: 984 ]