الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 198 ] لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نـزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار

                                                                                                                                                                                                                                      لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نـزلا من عند الله بيان لكمال حسن حال المؤمنين، غب بيان وتكرير له، إثر تقرير ، مع زيادة خلودهم في الجنات ليتم بذلك سرورهم، ويزداد تبجحهم، ويتكامل به سوء حال الكفرة . والنزل ( بضمتين، وضم فسكون ) : المنزل، وما هيئ للنزيل أن ينزل عليه : وما [ ص: 1074 ] عند الله خير للأبرار أي : مما يتقلب فيه الفجار من المتاع القليل الزائل . والتعبير عنهم بالأبرار للإشعار بأن الصفات المعدودة من أعمال البر، كما أنها من قبيل التقوى .

                                                                                                                                                                                                                                      روى الشيخان - واللفظ للبخاري - عن عمر بن الخطاب قال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو في مشربة، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وعند رجليه قرظ مصبور، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه [ ص: 1075 ] فبكيت ، فقال : « ما يبكيك » ؟ قلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هم فيه، وأنت رسول الله ! فقال : « أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة » ؟

                                                                                                                                                                                                                                      وروى ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما من نفس برة ولا فاجرة، إلا الموت خير لها ، لئن كان برا، لقد قال الله تعالى : وما عند الله خير للأبرار [ ص: 1076 ] وقرأ : ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين

                                                                                                                                                                                                                                      وروى ابن جرير عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أنه كان يقول : ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول : وما عند الله خير للأبرار ويقول : ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم الآية . وأخرج نحوه رزين عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية