[ ص: 1172 ] القول في تأويل قوله تعالى:
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا [22]
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بنكاح أو ملك يمين، وإن لم يكن أمهاتكم إلا ما قد سلف أي: سوى ما قد مضى في الجاهلية فإنه معفو لكم ولا تؤاخذون به إنه كان فاحشة أي: خصلة قبيحة جدا؛ لأنه يشبه نكاح الأمهات ومقتا أي: بغضا عند الله وعند ذوي المروآت، ولذا كانت العرب تسمي هذا النكاح: ، وتسمي ذلك المتزوج، مقيتا، قاله ابن سيده. نكاح المقت
وقال : المقت أشد البغض، ولما علموا أن ذلك في الجاهلية كان يقال له المقت أعلموا أنه لم يزل منكرا ممقوتا الزجاج وساء سبيلا أي: بئس مسلكا، إذ فيه هتك حرمة الأب.
وقد روى : ابن أبي حاتم أبو قيس بن الأسلت ، وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولدا، وأنت من صالحي قومك، ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال: خيرا ثم قالت: إن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي قومه، وإنما كنت أعده ولدا، فما ترى؟ فقال لها: ارجعي إلى بيتك، فنزلت: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم الآية.
وروى أنه لما توفي ، عن ابن جرير قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، فأنزل الله: ابن عباس ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف وأن تجمعوا بين الأختين [النساء: من الآية 23].
لطيفة:
قال الرازي : مراتب القبح ثلاثة : القبح في العقول وفي الشرائع وفي العادات، فقوله تعالى: إنه كان فاحشة إشارة إلى القبح العقلي، وقوله: ومقتا إشارة إلى القبح الشرعي [ ص: 1173 ] وقوله: وساء سبيلا إشارة إلى القبح في العرف والعادة، ومتى اجتمعت فيه هذه الوجوه فقد بلغ الغاية في القبح، والله أعلم.
قال : فمن تعاطاه بعد هذا فقد ارتد عن دينه فيقتل ويصير ماله فيئا لبيت المال. ابن كثير
كما رواه وأهل السنن، من طرق، عن الإمام أحمد - وفي رواية عن عمه - البراء بن عازب أنه بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله.