تنبيه:
قال بعض مفسري الزيدية: اعلم أنه لا خلاف في تحريم القعود والمخالطة إذا كان ذلك يوهم بأن القاعد راض، ولا خلاف أنه يحرم إذا خشي الافتتان، ولا خلاف أنه يجوز القعود للتنكير عليهم والدفع لهم.
قال : ولذلك يحضر العلماء مع أهل الضلالة يناظرونهم، ولهم بذلك الثواب العظيم، وأما إذا خلا عما ذكرنا - وكان لا يوهم بالرضا ولا يفتتن ولا ينكر عليهم - فاختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أوجب المثل؛ لظاهر الآية. الحاكم
قال : روي أن قوما أخذوا على شراب في عهد الحاكم ، فأمر بضربهم الحد، فقيل: فيهم صائم، فتلا قوله تعالى: عمر بن عبد العزيز فلا تقعدوا معهم إلى قوله: إنكم إذا مثلهم وهذا أيضا ظاهر حديث: لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير وتنتقل .
وقال أبو علي وأبو هاشم : إن أنكر بقلبه لم يجب عليه أكثر من ذلك، وجاز له القعود، يعني مع عجزه عن الإنكار باليد أو باللسان، وعدم تأثير ذلك.
أقول: ما قالاه مخالف لظاهر الآية، فلا عبرة به.
وقال القاضي : أما لو كان له حق في تلك البقعة فله أن لا يفارق، كمن يحضر الجنائز مع النوح، أو الولائم، فيسمع المنكر فيسعه أن يقعد، والنكير على قدر الإمكان واجب عليه. والحاكم
[ ص: 1614 ] وعن : لو تركنا الحق للباطل لبطل الشرع، وقد كان خرج إلى جنازة خرجت النساء فيها فلم يرجع، ورجع الحسن انتهى. ابن سيرين.
أقول: من له حق في البقعة فعليه أن يفارق كغيره؛ إذ ليس في مفارقته ضياع حقه، وعموم الآية يشمله، ولا تخصيص إلا بمخصص، والمسألة المقيس عليها غير ما نحن فيه، على ما فيها من الخلاف، كما حكى، ولا قياس مع النص، وقد حكى أقوالا كلها ترجع إلى تخصيص الآية، ولا مستند فيها إلا الرأي والاحتمال، فلذا أعرضنا عنها. الحاكم
قال : تحريم القعود في المجلس لما فيه من الإبهام، فإذا أظهر الكراهة جاز القعود في مكان آخر، وإن قرب، وإما إذا خاضوا في حديث غيره جاز القعود بمفهوم الآية. ثم إن الآية محكمة عند الجمهور. أبو علي
وروي عن أنها منسوخة بقوله تعالى: الكلبي وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء [الأنعام: 69] وهو مردود، فإن من التقوى اجتناب مجالس هؤلاء الذين يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها.
قال : دلت الآية على أن الحاكم ؛ لأنه تعالى قال: الراضي بالاستهزاء بالرسول والدين كافر إنكم إذا مثلهم ودلت على أن الرضا بالكفر كفر.
وقال : في هذه الآية دليل على أن من السمرقندي وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية أو عملوا بها، فإن لم يقدر أن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم فيكون معهم في الوزر سواء،
وروى ، عن ابن جرير أنه قال: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين، وكل مبتدع إلى يوم القيامة. الضحاك
وقال في "فتح البيان": وفي هذه الآية - باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب - دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقيص والاستهزاء، [ ص: 1615 ] للدلالة الشرعية، كما يقع كثيرا من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم سوى (قال إمام مذهبنا): كذا و(قال فلان من أتباعه بكذا) أو إذا سمعوا من يستدل على تلك المسألة بآية قرآنية أو بحديث نبوي سخروا منه، ولم يرفعوا إلى ما قاله رأسا، ولا بالوا به بالة، وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع وخطب شنيع، وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع، مع أن الأئمة - الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم - برآء من فعلهم، فإنهم قد صرحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم. انتهى.
وفي "الإكليل": قال : واستدل بعض العلماء بهذه الآية على ابن الفرس وفي هذه الآية أصل لما يفعله المصنفون من الإحالة على ما ذكر في مكان آخر، والتنبيه عليه. انتهى. وجوب اجتناب أهل المعاصي والأهواء،
وقوله تعالى: