[ ص: 553 ] وقال شيخ الإسلام - قدس الله روحه - ( فصل ) قد دل الكتاب والسنة ، وآثار سلف الأمة على " جنس المشروع المستحب في ذكر الله ودعائه " كسائر العبادات وبين النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الأذكار كقوله في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن سمرة بن جندب : { أربع - وهن من القرآن - سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت أفضل الكلام بعد القرآن } . وفي صحيحه عن قال : { أبي ذر } . وفي " كتاب الذكر " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل ؟ قال : ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمدهلابن أبي الدنيا وغيره مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم " { : لا إله إلا الله وأفضل الدعاء : الحمد [ ص: 554 ] لله أفضل الذكر } .
وفي الموطأ وغيره حديث طلحة بن عبد الله بن كريز عن النبي صلى الله عليه وسلم { } وفي السنن { أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير } . ولهذا قال الفقهاء : إن حديث الذي قال : يا رسول الله إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني في صلاتي فقال : قل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر انتقل إلى هذه الكلمات الباقيات الصالحات . وفضائل هذه الكلمات ونحوها كثير ليس هذا موضعه . وإنما الغرض من الذكر والدعاء ما ليس بمشروع الجنس أو هو منهي عنه أو عن صفته . كما قال تعالى : { من عجز عن القراءة في الصلاة ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } وقال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } فلا يدعى إلا بأسمائه الحسنى .
ومن المنهي عنه : ما كانوا يقولونه في الجاهلية في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك . ومثل { } ومثل ما كانوا يقولون في أول الإسلام : [ ص: 555 ] السلام على الله قبل عباده . فقال النبي صلى الله عليه وسلم { قول بعض الأعراب للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نستشفع بالله عليك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم شأن الله أعظم من ذلك : إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه } أشار بذلك إلى أن " السلام " إنما يطلب لمن يحتاج إليه والله هو " السلام " فالسلام يطلب منه لا يطلب له . بل يثنى عليه ; فإنه له فيقال : التحيات لله والصلوات والطيبات . فالحق سبحانه يثنى عليه ويطلب منه وأما المخلوق فيطلب له . فيقال : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . قال تعالى : { إن الله هو السلام فإذا قعد أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } والرزق يعم كل ما ينتفع به المرتزق ; فالإنسان يرزق الطعام والشراب واللباس ، وما ينتفع بسمعه وبصره وشمه ; ويرزق ما ينتفع به باطنه من علم وإيمان وفرح وسرور وقوة ونور وتأييد وغير ذلك والله سبحانه ما يريد من الخلق من رزق فإنهم لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه ; بل هو الغني وهم الفقراء . و { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . وكذلك الدعاء المكروه مثل الدعاء ببغي أو قطيعة رحم أو دعاء منازل الأنبياء أو دعاء الأعرابي الذي قال : اللهم ما كنت معذبي به في [ ص: 556 ] الآخرة فعجله لي في الدنيا . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم للمصابين بميت لما صاحوا : { لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ; فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون
} . وقد قال تعالى : { ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم } وقال تعالى . { ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا } وهذا باب واسع ليس الغرض هنا استيعابه . وإنما نبهنا على جنس المكروه . وإنما الغرض هنا أن مثل " لا إله إلا الله " ومثل " الله أكبر " ومثل " سبحان الله والحمد لله " ومثل " لا حول ولا قوة إلا بالله " ومثل { الشرع لم يستحب من الذكر إلا ما كان كلاما تاما مفيدا تبارك اسم ربك } { تبارك الذي بيده الملك } { سبح لله ما في السماوات والأرض } { تبارك الذي نزل الفرقان } .