وهذا متفق عليه يشهدون أن لا إله إلا الله ويشهدون بما شهد به لنفسه . [ ص: 185 ] وزعم طائفة من الاتحادية أنه لا يوحد أحد الله وأنشدوا :
ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد
وهؤلاء حقيقة قولهم من جنس قول النصارى في المسيح ; فيكون الحق هو الناطق على لسان العبد والله الموحد لنفسه لا العبد . يدعون أن حقيقة التوحيد أن يكون الموحد هو الموحدوهذا في زعمهم هو السر الذي كان الحلاج يعتقده وهو بزعمهم قول خواص العارفين ; لكن لا يصرحون به . وحقيقة قولهم : أنهم اعتقدوا في عموم الصالحين ما اعتقدته النصارى في المسيح ; لكن لم يمكنهم إظهاره ; فإن دين الإسلام يناقض ذلك مناقضة ظاهرة فصاروا يشيرون إليه ويقولون : إنه من السر المكتوم ومن علم الأسرار الغيبية فلا يمكن أن يباح به وإنما هو قول ملحد وهو شر من قول النصارى فإن النصارى إنما قالوا ذلك في المسيح لم يقولوه في جميع الصالحين . وقد بسط الكلام على ذلك في غير موضع ; إذ المقصود التنبيه على ما في هذه الآية من أصول الإيمان والتوحيد وإبطال قول المبتدعين .