[ ص: 338 ] فصل ومما ذكر فيه : قوله تعالى { العقوبة على عدم الإيمان ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون } وهذا من تمام قوله { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } الآية فذكر : أن هذا التقليب إنما حصل لقلوبهم لما لم يؤمنوا به أول مرة وهذا عدم الإيمان .
لكن يقال : إنما كان هذا بعد دعوة الرسول لهم وهم قد تركوا الإيمان وكذبوا الرسول . وهذه أمور وجودية لكن الموجب للعذاب : هو عدم الإيمان . وما ذكر شرط في التعذيب بمنزلة إرسال الرسول . فإنه قد يشتغل عن الإيمان بما جنسه مباح - من أكل وشرب وبيع وسفر وغير ذلك - وهذا الجنس لا يستحق عليه العقوبة إلا لأنه شغله عن الإيمان الواجب عليه . ومن الناس من يقول : ضد الإيمان هو تركه . وهو أمر وجودي لا ضد له إلا ذلك .