[ ص: 8 ] وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون } والفاحشة أريد بها كشف السوآت فيستدل به على أن في الأفعال السيئة من الصفات ما يمنع أمر الشرع بها فإنه أخبر عن نفسه في سياق الإنكار عليهم أنه لا يأمر بالفحشاء فدل ذلك على أنه منزه عنه فلو كان جائزا عليه لم يتنزه عنه . قوله : {
فعلم أنه لا يجوز عليه الأمر بالفحشاء ; وذلك لا يكون إلا إذا كان الفعل في نفسه سيئا فعلم أن كلما كان في نفسه فاحشة فإن الله لا يجوز عليه الأمر به وهذا قول من يثبت للأفعال في نفسها صفات الحسن والسوء كما يقوله أكثر العلماء كالتميميين ; خلاف قول من يقول : إن ذلك لا يثبت قط إلا بخطاب . وأبي الخطاب
وكذلك ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } علل النهي عنه بما اشتمل عليه من أنه فاحشة وأنه ساء سبيلا فلو [ ص: 9 ] كان إنما صار فاحشة وساء سبيلا بالنهي لما صح ذلك ; لأن العلة تسبق المعلول لا تتبعه ومثل ذلك كثير في القرآن . قوله : {
وأما في الأمر فقوله : { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } دليل على أنه أمر به ; لأنه خير لنا ; ولأن الله علم فيه ما لم نعلمه .
ومثله قوله في آية الطهور { ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون } دليل على أنه أمر بالطهور ; لما فيه من الصلاح لنا وهذا أيضا في القرآن كثير .