[ ص: 58 ] سورة يونس وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب } وقوله : { قوله : { وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا } وقوله : { الشمس والقمر بحسبان } وقوله { والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم } وقوله : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } دليل على توقيت ما فيها من التوقيت للسنين والحساب فقوله : { لتعلموا عدد السنين والحساب } إن علق بقوله : { وقدره منازل } كان الحكم مختصا بالقمر وإن أعيد إلى أول الكلام تعلق بهما ويشهد للأول قوله في الأهلة فإنه موافق لذلك ولأن كون الشمس ضياء والقمر نورا لا يوجب علم عدد السنين والحساب بخلاف تقدير القمر منازل فإنه هو الذي [ ص: 59 ] يقتضي علم عدد السنين والحساب ولم يذكر انتقال الشمس في البروج .
ويؤيد ذلك قوله : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله } الآية فإنه نص على أن السنة هلالية وقوله : { الحج أشهر معلومات } يؤيد ذلك لكن يدل على الآخر قوله : { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب } . وهذا والله أعلم لمعنى تظهر به حكمة ما في الكتاب وما جاءت به الشريعة من اعتبار الشهر والعام الهلالي دون الشمسي أن كل ما حد من الشهر والعام ينقسم في اصطلاح الأمم إلى عددي وطبيعي فأما الشهر الهلالي فهو طبيعي وسنته عددية .
وأما الشهر الشمسي : فعددي وسنته طبيعية فأما جعل شهرنا هلاليا فحكمته ظاهرة لأنه طبيعي وإنما علق بالهلال دون الاجتماع لأنه أمر مضبوط بالحس لا يدخله خلل ولا يفتقر إلى حساب بخلاف الاجتماع فإنه أمر خفي يفتقر إلى حساب وبخلاف الشهر الشمسي لو ضبط .
وأما السنة الشمسية فإنها وإن كانت طبيعية فهي من جنس [ ص: 60 ] الاجتماع ليس أمرا ظاهرا للحس بل يفتقر إلى وإنما الذي يدركه الحس تقريب ذلك فإن انقضاء الشتاء ودخول الفصل الذي تسميه حساب سير الشمس في المنازل العرب الصيف ويسميه غيرها الربيع أمر ظاهر بخلاف محاذاة الشمس لجزء من أجزاء الفلك يسمى برج كذا أو محاذاتها لإحدى نقطتي الرأس أو الذنب فإنه يفتقر إلى حساب .
ولما كانت البروج اثني عشر فمتى تكرر الهلالي اثني عشر فقد انتقل فيها كلها فصار ذلك سنة كاملة تعلقت به أحكام ديننا من المؤقتات شرعا أو شرطا إما بأصل الشرع كالصيام والحج . وإما بسبب من العبد كالعدة ومدة الإيلاء وصوم الكفارة والنذر . وإما بالشرط كالأجل في الدين والخيار والأيمان وغير ذلك .