فصل وأما فقد تكلم الناس في حدها وحد الإخلاص كقول بعضهم : المخلص هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله وأمثال ذلك من كلامهم الحسن . لكن كلامهم يتضمن الإخلاص في سائر الأعمال وهذا لا يقع من سائر الناس بل لا يقع من أكثرهم بل غالب المسلمين يخلصون لله في كثير من أعمالهم كإخلاصهم في الأعمال المشتركة بينهم [ ص: 261 ] مثل صوم شهر رمضان فغالب المسلمين يصومونه لله وكذلك النية التي هي إخلاص الدين لله عز وجل بخلاف من لم يحافظ عليها فإنما يصلي حياء أو رياء أو لعلة دنيوية ; ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه من داوم على الصلوات فإنه لا يصلي إلا لله الترمذي : { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله } الآية } . إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ; فإن الله تعالى يقول : {
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه ومن لم يصل إلا بوضوء واغتسال فإنه لا يفعل ذلك إلا لله أحمد . وابن ماجه من حديث ثوبان عنه أنه قال : { } وقد ينتقض وضوءه ولا يدري به أحد فإذا حافظ عليه لم يحافظ عليه إلا لله سبحانه ومن كان كذلك لا يكون إلا مؤمنا والإخلاص في النفع المتعدي أقل منه في العبادات البدنية ولهذا قال في الحديث المتفق على صحته : { استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن فإن الوضوء سر بين العبد وبين الله عز وجل } الحديث . سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله