[ ص: 364 ] فصل وأما الصعيد : ففيه أقوال فقيل : يجوز وإن لم يعلق بيده ; كالزرنيخ والنور والجص وكالصخرة الملساء فأما ما لم يكن من جنسها كالمعادن فلا يجوز التيمم به . وهو قول التيمم بكل ما كان من جنس الأرض أبي حنيفة . ومحمد يوافقه ; لكن بشرط أن يكون معبرا لقوله : ( منه .
وقيل يجوز بالأرض وبما اتصل بها حتى بالشجر كما يجوز عنده وعند أبي حنيفة بالحجر والمدر وهو قول مالك وله في الثلج روايتان : إحداهما : يجوز التيمم به وهو قول الأوزاعي والثوري . وقيل يجوز بالتراب والرمل وهو أحد قولي أبي يوسف وأحمد في إحدى الروايتين وروي عنه أنه يجوز بالرمل عند عدم التراب .
وقيل : لا يجوز إلا بتراب طاهر له غبار يعلق باليد وهو قول أبي يوسف والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى .
[ ص: 365 ] واحتج هؤلاء بقوله : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } وهذا لا يكون إلا فيما يعلق بالوجه واليد والصخر لا يعلق لا بالوجه ولا باليد واحتجوا بأن ابن عباس قال : الصعيد الطيب تراب الحرث واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم { } قالوا : فعم الأرض بحكم المسجد وخص تربتها - وهو ترابها - بحكم الطهارة . جعلت لي الأرض مسجدا وجعلت تربتها طهورا
قالوا : ولأن الطهارة بالماء اختصت من بين سائر المائعات بما هو [ ماء ] في الأصل فكذلك طهارة التراب تختص بما هو تراب في الأصل وهما الأصلان اللذان خلق منهما آدم : الماء . والتراب . وهما العنصران البسيطان بخلاف بقية المائعات والجامدات فإنها مركبة .
واحتج الأولون بقوله تعالى : { صعيدا } قالوا : والصعيد هو الصاعد على وجه الأرض وهذا يعم كل صاعد بدليل قوله تعالى . { وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا } وقوله : { فتصبح صعيدا زلقا } .
واحتج من لم يخص الحكم بالتراب بأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : { } وفي رواية { جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل } فهذا يبين أن المسلم في أي موضع كان عنده مسجده وطهوره . فعنده مسجده وطهوره
[ ص: 366 ] ومعلوم أن كثيرا من الأرض ليس فيها تراب حرث فإن لم يجز كان مخالفا لهذا الحديث وهذه حجة من جوز التيمم بالرمل دون غيره أو قرن بذلك السبخة ; فإن من الأرض ما يكون سبخة . واختلاف التراب بذلك كاختلافه بالألوان بدليل قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم { التيمم بالرمل آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنوه على قدر تلك القبضة : جاء منهم الأسود والأبيض وبين ذلك وجاء منهم السهل والحزن وبين ذلك ومنهم الخبيث والطيب وبين ذلك } . إن الله خلق
وآدم إنما خلق من تراب والتراب الطيب والخبيث : الذي يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا يجوز التيمم به فعلم أن المراد بالطيب الطاهر وهذا بخلاف فإنها ليست من جنس التراب ولا تعلق باليد ; بخلاف الأحجار والأشجار فإنها معادن في الأرض لكنها لا تنطبع كما ينطبع الذهب والفضة والرصاص والنحاس . الزرنيخ والنورة