ولو قبر الخليل عليه السلام " أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى " الطور " الذي كلم الله عليه نذر السفر إلى " موسى عليه السلام أو إلى " جبل حراء " الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه وجاءه الوحي فيه أو الغار المذكور في القرآن وغير ذلك من المقابر والمقامات والمشاهد المضافة إلى بعض الأنبياء والمشايخ أو إلى بعض المغارات أو الجبال : لم يجب الوفاء بهذا النذر باتفاق الأئمة الأربعة فإن السفر إلى هذه المواضع منهي عنه ; لنهي النبي صلى الله عليه وسلم { } فإذا كانت المساجد التي هي من بيوت الله التي أمر فيها بالصلوات الخمس قد نهى عن السفر إليها - حتى لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد قباء الذي يستحب لمن كان بالمدينة أن يذهب إليه لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه { قباء كل سبت راكبا وماشيا } وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه : كان له كعمرة } قال من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى الترمذي حديث حسن صحيح .
[ ص: 9 ] فإذا كان مثل هذا ينهى عن السفر إليه وينهى عن السفر إلى الطور المذكور في القرآن وكما ذكر مالك المواضع التي لم تبن للصلوات الخمس ; بل ينهى عن اتخاذها مساجد فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته { اليهود والنصارى اتخذوا آثار أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا } . وفي صحيح لعن الله مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } ولهذا لم يكن إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك الصحابة يسافرون إلى شيء من مشاهد الأنبياء لا مشهد إبراهيم الخليل عليه السلام ولا غيره والنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج صلى في بيت المقدس ركعتين كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ولم يصل في غيره وأما ما يرويه بعض الناس من حديث المعراج { أنه صلى في المدينة وصلى عند قبر موسى عليه السلام وصلى عند قبر الخليل } فكل هذه الأحاديث مكذوبة موضوعة .
وقد رخص بعض المتأخرين في السفر إلى المشاهد ولم ينقلوا ذلك عن أحد من الأئمة ولا احتجوا بحجة شرعية .