الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل رحمه الله عن رجل nindex.php?page=treesubj&link=11417تزوج بيتيمة وشهدت أمها ببلوغها فمكثت في صحبته أربع سنين ثم بانت منه بالثلاث ثم شهدت أخواتها ونساء أخر : أنها ما بلغت إلا بعد دخول الزوج بها بتسعة أيام وشهدت أمها بهذه الصورة ; والأم ماتت والزوج يريد المراجعة ؟
فأجاب : الحمد لله . لا يحل للزوج أن يتزوجها إذا طلقها ثلاثا عند جمهور العلماء فإن مذهب أبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه : أن نكاح هذه صحيح وإن كان قبل البلوغ .
ومذهب مالك وأحمد في المشهور أن الطلاق يقع في النكاح الفاسد المختلف فيه .
ومثل هذه المسائل يقبح فإنها [ ص: 98 ] من أهل البغي فإنهم لا يتكلمون في صحة النكاح حين كان يطؤها ويستمتع بها حتى إذا طلقت ثلاثا أخذوا يسعون فيما يبطل النكاح حتى لا يقال : إن الطلاق وقع وهذا من المضادة لله في أمره فإنه حين كان الوطء حراما لم يتحر ولم يسأل فلما حرمه الله أخذ يسأل عما يباح به الوطء ومثل هذا يقع في المحرم بإجماع المسلمين وهو فاسق ; لأن مثل هذه المرأة إما أن يكون نكاحها الأول صحيحا .
وإما ألا يكون . فإن كان صحيحا : فالطلاق الثلاث واقع والوطء قبل نكاح زوج غيره حرام .
وإن كان النكاح الأول باطلا : كان الوطء فيه حراما وهذا الزوج لم يتب من ذلك الوطء . وإنما سأل حين طلق ; لئلا يقع به الطلاق فكان سؤالهم عما به يحرم الوطء الأول لأجل استحلال الوطء الثاني . وهذه المضادة لله ورسوله . والسعي في الأرض بالفساد فإن كان هذا الرجل طلقها ثلاثا فليتق الله وليجتنبها ; وليحفظ حدود الله ; فإن من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه . والله أعلم .