الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وسئل رحمه الله تعالى عن رجل له زوجة طلبت منه الطلاق وطلقها وقال : ما بقيت أعود إليها أبدا فوجده صاحبه فقال : ما أصدقك على هذا إلا إن قلت : كلما تزوجت هذه كانت طالقا على مذهب مالك ولم ير الأحكام الشرعية : فهل له أن يردها ؟
فأحاب : الحمد لله . أما إن قصد كلما تزوجتها برجعة أو عقد جديد - وهو ظاهر كلامه - فمتى ارتجعها قبل انقضاء العدة طلقت ثانية ثم إن ارتجعها طلقت ثالثة - وإن تركها حتى تنقضي عدتها بانت منه ; فإذا تزوجها بعد ذلك فمن قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=27330تعليق الطلاق بالنكاح يقع في مثل هذا - كأبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية - قال إن هذه إذا تزوجها يقع بها الطلاق . وأما من لم يقل بذلك - كالشافعي وأحمد في المشهور عنه - فهذه لما علق طلاقها كانت رجعية والرجعية كالزوجة في مثل هذا ; لكن تخلل البينونة : هل يقطع [ ص: 246 ] حكم الصفة ؟ ظاهر مذهب أحمد أنه لا يقطع . وقد نص على الفرق في تعليق الطلاق على النكاح بين أن يكون في عدة أو لا يكون فعلى مذهبه يقع الطلاق بها إذا تزوجها وهو أحد قولي الشافعي . وعلى قوله الآخر الذي يقول فيه : إن البينونة تقطع حكم الصفة وهو رواية عن أحمد ; فإن قوله إذا تزوجها كقوله إذا دخلت الدار . وإذا بانت انحلت هذه اليمين فيجوز له أن يتزوجها ولا يقع به طلاق وهو الذي يرجحه كثير من أصحاب الشافعي .
وأما قوله على مذهب مالك فإنه التزام منه لمذهب بعينه وذلك لا يلزم ; بل له أن يقلد مذهب الشافعي . وإن كان الطلاق بائنا بعوض والتعليق بعد هذا في العدة وغيره تعليق بأجنبية فلا يقع به شيء إذا تزوجها في مذهب الشافعي .