فصل وبما قدمناه من الأصل تظهر مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=12101 " الاستثناء في الظهار " فإن قوله أنت علي حرام . وأنت علي كظهر أمي . قال
أحمد : يصح فيه الاستثناء ; لأن موجبه الكفارة إذا حنث بالعود . وأصل
أحمد : أن كل ما شرعت فيه الكفارة شرع فيه اليمين وإلا فلا .
[ ص: 316 ] وقال طائفة من أصحابه منهم
ابن بطة والعكبري Multitarajem.php?tid=13371,13372وابن عقيل : لا يصح فيه الاستثناء لأنه إنشاء بمنزلة التطليق والإعتاق ; فإنه ليس من جملتين كالقسم ; وإنما هو جملة واحدة كسائر الإنشاءات ; فقوله : أنت علي حرام كقوله : أنت طالق . ليس هنا فعل مستقبل يعلق بالمشيئة كما في قوله : لأخرجن . وهذا في بادئ الرأي أقوى للمشابهة الصورية .
لكن قول
أحمد أفقه وأدخل في المعنى . وإنما هو والله أعلم في ذلك بمنزلة من عد نذر اللجاج والغضب كنذر التبرر ; للاستواء في الصورة اللفظية . ومن عده يمينا لمشابهة اليمين في معنى وصفها وهو المحلوف عليه ومن أعطاه حكمهما لجمعه معناهما . فإن نصفه يشبه اليمين في المعنى ونصفه يشبه النذر . ولهذا سائر الألفاظ المعلق بها الأحكام قد ينظر ناظر إلى صورتها وآخر إلى معناها وآخر إليهما معا كما في قوله لأفعلن . الصورة صورة الخبر والمعنى قد يكون خبرا وقد يكون طلبا وقد يجتمعان . فقوله : أنت علي كظهر أمي . كان في الجاهلية إنشاء محضا للتحريم والتحريم لا يثبت بدون الطلاق فكان عندهم طلاقا على موجب ظاهر لفظه ; لأن الطلاق يستلزم التحريم . فجعلوا اللازم دليلا على الملزوم فأبطل الله ذلك ; لأنه منكر من القول وزور فإن الحلال لا يكون كالحرام المؤبد ولم يجعله طلاقا وإن عني به الطلاق لأن الطلاق لا يثبت إلا بعد ثبوت المعنى الفاسد وهو المشابهة
[ ص: 317 ] المحرمة ; فصار كقوله : أنت يهودية أو نصرانية . إذا عنى به الطلاق فإن هذا لا يثبت إلا بعد ثبوت الكفر الذي لا يجوز له أن يثبته فيها . أو أنت أتان أو ناقة أو أنت علي كالأتان والناقة . ومن هنا قال أكثر
الصحابة إن
nindex.php?page=treesubj&link=26004قوله : أنت علي حرام . أيضا يمين ليس بطلاق وصرح بعضهم بأنه يمين مغلظة كالظهار .
وهو مذهب
أحمد . فصار قوله أنت علي كظهر أمي . بمنزلة لا أقربنك ; لأن إثبات المشابهة للأم يقتضي امتناعه عن وطئها ويقتضي رفع العقد . فأبطل الشارع رفع العقد لأن هذا إلى الشارع ; لا إليه ; فإن العقود والفسوخ أثبات الله لا تثبت إلا بإذن الشارع وأثبت امتناعه من الفعل لأن فعل الوطء وتركه إليه هو مخير فيه فلما صار بمنزلة قوله : لا ينبغي مني وطؤك . فهذا معنى اليمين ; لكنه جعله يمينا كبرى ليس بمنزلة اليمين بالله لأن تلك اليمين شرع الحلف بها فلم يعص في عقدها وهذه اليمين منكر من القول وزور ; ولأن هذه اليمين تركها واجب فكانت الكفارة عوضا عن ذلك . ولهذا كانت اليمين بالله لا توجب تحريم الفعل إلى التكفير وهذه اليمين توجب تحريم الحنث إلى التكفير فلم يكن له أن يحنث فيها حتى يحلها ووجبت فيها الكفارة الكبرى . وكونها جملة واحدة لا يمتنع اندراجها في اسم اليمين كلفظ النذر هو يمين وجملة واحدة ; وإنما العبرة بما تضمن عهدا
[ ص: 318 ] وقد سمى الله كل تحريم " يمينا " بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5296&ayano=66لم تحرم ما أحل الله لك } - إلى قوله - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } كما سمى
الصحابة نذر اللجاج والغضب " يمينا " وهو جملة شرطية ; نظرا إلى المعنى . يوضح ذلك أن الظهار لو كان إنشاء محضا لأوجب حكمه ; ولم يكن فيه كفارة ; إذ الكفارة لا تكون لرفع عقد أو فسخ ; وإنما تكون لرفع إثم المخالفة التي تضمنها عقده ; ولهذا لما كان كل من عقد اليمين وعقد الظهار لا يوجب الكفارة إلا إذا وجدت المخالفة علم أنه يمين .
والشافعي يقول يوجب لفظ الظهار ترك العقد فإذا أمسكها مقدار ما يمكنه إزالته وجبت الكفارة . وأما
أحمد والجمهور فعندهم يوجب لفظه الامتناع من الوطء على وجه يكون حراما فالكفارة ترفع هذا التحريم فلا يجوز الوطء قبل ارتفاعه . وكذلك يقول
أحمد في قوله : أنت علي حرام . أن موجبه الامتناع من الوطء على جهة التحريم ; لكن من يفرق بينهما يقول : إنه في الظهار ما كان يمكن أن يعطي اللفظ ظاهره ; فإنه لا تصير مثل أمه في دين الإسلام فاقتصر به على بعضه وهو ترك الوطء ; دون ترك العقد كما كانوا في الجاهلية .
[ ص: 319 ] ولفظ الحرام يمكن إثبات موجبه . وقد يقول
أحمد : إن الحرام لا يمكن إثبات موجبه ; فإن تحريم العين لا يثبت أبدا والتحريم العارض لا يثبت بدون شبيه ; إذ ليس هو المفهوم من مطلق التحريم ; وإنما هو تحريم مقيد فاستعمل بعض موجب اللفظ وهو تحريم الفعل الذي هو وطء ولأن التحريم المضاف إلى العين إنما يراد به الفعل فكأنه [ قال ] وطؤك حرام . وهذا في معنى قوله : والله لا أطؤك . فكما أن الإيلاء لا يكون طلاقا ولو نوى به الطلاق فكذلك التحريم ; إذ الإيلاء نوع من الأيمان القسمية والظهار نوع من الأيمان التحريمية . والبحث فيه يتوجه أن يقال : نضعه على أدنى درجات التحريم ; لأن اللفظ مطلق فلا تثبت الزيادة إلا بسبب كما في قوله : أنت طالق . لا يقع إلا واحدة ; وكما اكتفي في التشبيه بالتحريم . أما إذا نوى الطلاق فيقال : وإن نوى الطلاق بالظهار .
فَصْلٌ وَبِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ تَظْهَرُ مَسْأَلَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=12101 " الِاسْتِثْنَاءِ فِي الظِّهَارِ " فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . وَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . قَالَ
أَحْمَد : يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ ; لِأَنَّ مُوجَبَهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ بِالْعَوْدِ . وَأَصْلُ
أَحْمَد : أَنَّ كُلَّ مَا شُرِعَتْ فِيهِ الْكَفَّارَةُ شُرِعَ فِيهِ الْيَمِينُ وَإِلَّا فَلَا .
[ ص: 316 ] وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ
ابْنُ بَطَّةَ والعكبري Multitarajem.php?tid=13371,13372وَابْنُ عَقِيلٍ : لَا يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ بِمَنْزِلَةِ التَّطْلِيقِ وَالْإِعْتَاقِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَتَيْنِ كَالْقَسَمِ ; وَإِنَّمَا هُوَ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ كَسَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ ; فَقَوْلُهُ : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ كَقَوْلِهِ : أَنْت طَالِقٌ . لَيْسَ هُنَا فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ يُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : لَأَخْرُجَنَّ . وَهَذَا فِي بَادِئِ الرَّأْيِ أَقْوَى لِلْمُشَابَهَةِ الصُّورِيَّةِ .
لَكِنَّ قَوْلَ
أَحْمَد أَفْقَهُ وَأَدْخَلُ فِي الْمَعْنَى . وَإِنَّمَا هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَدَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ كَنَذْرِ التَّبَرُّرِ ; لِلِاسْتِوَاءِ فِي الصُّورَةِ اللَّفْظِيَّةِ . وَمَنْ عَدَّهُ يَمِينًا لِمُشَابَهَةِ الْيَمِينِ فِي مَعْنَى وَصْفِهَا وَهُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَمَنْ أَعْطَاهُ حُكْمَهُمَا لِجَمْعِهِ مَعْنَاهُمَا . فَإِنَّ نِصْفَهُ يُشْبِهُ الْيَمِينَ فِي الْمَعْنَى وَنِصْفَهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ . وَلِهَذَا سَائِرُ الْأَلْفَاظِ الْمُعَلَّقِ بِهَا الْأَحْكَامُ قَدْ يَنْظُرُ نَاظِرٌ إلَى صُورَتِهَا وَآخَرُ إلَى مَعْنَاهَا وَآخَرُ إلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي قَوْلِهِ لَأَفْعَلَنَّ . الصُّورَةُ صُورَةُ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى قَدْ يَكُونُ خَبَرًا وَقَدْ يَكُونُ طَلَبًا وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ . فَقَوْلُهُ : أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إنْشَاءً مَحْضًا لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّحْرِيمُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الطَّلَاقِ فَكَانَ عِنْدَهُمْ طَلَاقًا عَلَى مُوجَبِ ظَاهِرِ لَفْظِهِ ; لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَلْزِمُ التَّحْرِيمَ . فَجَعَلُوا اللَّازِمَ دَلِيلًا عَلَى الْمَلْزُومِ فَأَبْطَلَ اللَّهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ فَإِنَّ الْحَلَالَ لَا يَكُونُ كَالْحَرَامِ الْمُؤَبَّدِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ طَلَاقًا وَإِنْ عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَعْنَى الْفَاسِدِ وَهُوَ الْمُشَابَهَةُ
[ ص: 317 ] الْمُحَرَّمَةُ ; فَصَارَ كَقَوْلِهِ : أَنْت يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ . إذَا عَنَى بِهِ الطَّلَاقَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْكُفْرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُثْبِتَهُ فِيهَا . أَوْ أَنْت أَتَانٌ أَوْ نَاقَةٌ أَوْ أَنْت عَلَيَّ كَالْأَتَانِ وَالنَّاقَةِ . وَمِنْ هُنَا قَالَ أَكْثَرُ
الصَّحَابَةِ إنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26004قَوْلَهُ : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . أَيْضًا يَمِينٌ لَيْسَ بِطَلَاقِ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ كَالظِّهَارِ .
وَهُوَ مَذْهَبُ
أَحْمَد . فَصَارَ قَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي . بِمَنْزِلَةِ لَا أَقْرَبَنَّك ; لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمُشَابَهَةِ لِلْأُمِّ يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ عَنْ وَطْئِهَا وَيَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ . فَأَبْطَلَ الشَّارِعُ رَفْعَ الْعَقْدِ لِأَنَّ هَذَا إلَى الشَّارِعِ ; لَا إلَيْهِ ; فَإِنَّ الْعُقُودَ والفسوخ أثبات اللَّهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِإِذْنِ الشَّارِعِ وَأَثْبَتَ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْفِعْلِ لِأَنَّ فِعْلَ الْوَطْءِ وَتَرْكَهُ إلَيْهِ هُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ فَلَمَّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ : لَا يَنْبَغِي مِنِّي وَطْؤُك . فَهَذَا مَعْنَى الْيَمِينِ ; لَكِنَّهُ جَعَلَهُ يَمِينًا كُبْرَى لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ شُرِعَ الْحَلِفُ بِهَا فَلَمْ يَعْصِ فِي عَقْدِهَا وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ ; وَلِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ تَرْكُهَا وَاجِبٌ فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ . وَلِهَذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفِعْلِ إلَى التَّكْفِيرِ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْحِنْثِ إلَى التَّكْفِيرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهَا حَتَّى يُحِلَّهَا وَوَجَبَتْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى . وَكَوْنُهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً لَا يَمْتَنِعُ انْدِرَاجُهَا فِي اسْمِ الْيَمِينِ كَلَفْظِ النَّذْرِ هُوَ يَمِينٌ وَجُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ ; وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا تَضَمَّنَ عَهْدًا
[ ص: 318 ] وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ كُلَّ تَحْرِيمٍ " يَمِينًا " بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5296&ayano=66لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } - إلَى قَوْلِهِ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } كَمَا سَمَّى
الصَّحَابَةُ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " يَمِينًا " وَهُوَ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ ; نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى . يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ لَوْ كَانَ إنْشَاءً مَحْضًا لَأُوجِبَ حُكْمُهُ ; وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ ; إذْ الْكَفَّارَةُ لَا تَكُونُ لِرَفْعِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ ; وَإِنَّمَا تَكُونُ لِرَفْعِ إثْمِ الْمُخَالَفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا عَقْدُهُ ; وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ عَقْدِ الْيَمِينِ وَعَقْدِ الظِّهَارِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ إلَّا إذَا وُجِدْت الْمُخَالَفَةُ عُلِمَ أَنَّهُ يَمِينٌ .
وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ يُوجِبُ لَفْظُ الظِّهَارِ تَرْكَ الْعَقْدِ فَإِذَا أَمْسَكَهَا مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ . وَأَمَّا
أَحْمَد وَالْجُمْهُورُ فَعِنْدَهُمْ يُوجِبُ لَفْظُهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ حَرَامًا فَالْكَفَّارَةُ تَرْفَعُ هَذَا التَّحْرِيمَ فَلَا يَجُوزُ الْوَطْءُ قَبْلَ ارْتِفَاعِهِ . وَكَذَلِكَ يَقُولُ
أَحْمَد فِي قَوْله : أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ . أَنَّ مُوجَبَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ عَلَى جِهَةِ التَّحْرِيمِ ; لَكِنَّ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا يَقُولُ : إنَّهُ فِي الظِّهَارِ مَا كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْطِيَ اللَّفْظَ ظَاهِرَهُ ; فَإِنَّهُ لَا تَصِيرُ مِثْلَ أُمِّهِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَاقْتَصَرَ بِهِ عَلَى بَعْضِهِ وَهُوَ تَرْكُ الْوَطْءِ ; دُونَ تَرْكِ الْعَقْدِ كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
[ ص: 319 ] وَلَفْظُ الْحَرَامِ يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ . وَقَدْ يَقُولُ
أَحْمَد : إنَّ الْحَرَامَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ مُوجَبِهِ ; فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْعَيْنِ لَا يَثْبُتُ أَبَدًا وَالتَّحْرِيمُ الْعَارِضُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَبِيهٍ ; إذْ لَيْسَ هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ ; وَإِنَّمَا هُوَ تَحْرِيمٌ مُقَيَّدٌ فَاسْتُعْمِلَ بَعْضُ مُوجَبِ اللَّفْظِ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ وَطْءٌ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْعَيْنِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ فَكَأَنَّهُ [ قَالَ ] وَطْؤُك حَرَامٌ . وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك . فَكَمَا أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَكَذَلِكَ التَّحْرِيمُ ; إذْ الْإِيلَاءُ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ القسمية وَالظِّهَارَ نَوْعٌ مِنْ الْأَيْمَانِ التحريمية . وَالْبَحْثُ فِيهِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ : نَضَعُهُ عَلَى أَدْنَى دَرَجَاتِ التَّحْرِيمِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَلَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ إلَّا بِسَبَبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ : أَنْت طَالِقٌ . لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً ; وَكَمَا اُكْتُفِيَ فِي التَّشْبِيهِ بِالتَّحْرِيمِ . أَمَّا إذَا نَوَى الطَّلَاقَ فَيُقَالُ : وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ بِالظِّهَارِ .