[ ص: 509 ] قال
الشيخ رحمه الله - فصل وأما " الرؤية " فالذي ثبت في الصحيح عن
ابن عباس أنه قال : " رأى
محمد ربه بفؤاده مرتين "
وعائشة أنكرت الرؤية . فمن الناس من جمع بينهما فقال :
عائشة أنكرت رؤية العين
وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد . والألفاظ الثابتة عن (
ابن عباس هي مطلقة أو مقيدة بالفؤاد تارة يقول : رأى
محمد ربه وتارة يقول رآه
محمد ; ولم يثبت عن
ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه . وكذلك "
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد " تارة يطلق الرؤية ; وتارة يقول : رآه بفؤاده ; ولم يقل أحد إنه سمع
أحمد يقول رآه بعينه ; لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعض كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين ; كما سمع بعض الناس مطلق كلام
ابن عباس ففهم منه رؤية العين .
وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه ولا ثبت ذلك عن أحد من
[ ص: 510 ] الصحابة ولا في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك ; بل النصوص الصحيحة على نفيه أدل ; كما في صحيح
مسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596101عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟ فقال : نور أنى أراه } . وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2047&ayano=17سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا } ولو كان قد أراه نفسه بعينه لكان ذكر ذلك أولى . وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4849&ayano=53أفتمارونه على ما يرى } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=4855&ayano=53لقد رأى من آيات ربه الكبرى } ولو كان رآه بعينه لكان ذكر ذلك أولى . وفي الصحيحين عن
ابن عباس في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2106&ayano=17وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن } قال هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وهذه " رؤيا الآيات " لأنه أخبر الناس بما رآه بعينه ليلة المعراج فكان ذلك فتنة لهم حيث صدقه قوم وكذبه قوم ولم يخبرهم بأنه رأى ربه بعينه وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذكر ذلك ولو كان قد وقع ذلك لذكره كما ذكر ما دونه .
وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الأمة أنه لا يرى الله أحد في الدنيا بعينه إلا ما نازع فيه بعضهم من
nindex.php?page=treesubj&link=28725رؤية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة واتفقوا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28725المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس والقمر .
[ ص: 511 ] واللغة تجوز " مطلقا " لمن لعنه الله ورسوله ; وأما لعنة " المعين " فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته . وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته ; {
لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر } مع أنه قد
nindex.php?page=treesubj&link=19061لعن شارب الخمر عموما مع أن في لعنة المعين - إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة - نزاع وهذه " المسألة " قد بسط الكلام عليها .
[ ص: 509 ] قَالَ
الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ - فَصْلٌ وَأَمَّا " الرُّؤْيَةُ " فَاَلَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : " رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ "
وَعَائِشَةُ أَنْكَرَتْ الرُّؤْيَةَ . فَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ :
عَائِشَةُ أَنْكَرَتْ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ
وَابْنُ عَبَّاسٍ أَثْبَتَ رُؤْيَةَ الْفُؤَادِ . وَالْأَلْفَاظُ الثَّابِتَةُ عَنْ (
ابْنِ عَبَّاسٍ هِيَ مُطْلَقَةٌ أَوْ مُقَيَّدَةٌ بِالْفُؤَادِ تَارَةً يَقُولُ : رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ وَتَارَةً يَقُولُ رَآهُ
مُحَمَّدٌ ; وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظٌ صَرِيحٌ بِأَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ . وَكَذَلِكَ "
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَد " تَارَةً يُطْلِقُ الرُّؤْيَةَ ; وَتَارَةً يَقُولُ : رَآهُ بِفُؤَادِهِ ; وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ سَمِعَ
أَحْمَد يَقُولُ رَآهُ بِعَيْنِهِ ; لَكِنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ سَمِعُوا بَعْضَ كَلَامِهِ الْمُطْلَقِ فَفَهِمُوا مِنْهُ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ ; كَمَا سَمِعَ بَعْضُ النَّاسِ مُطْلَقَ كَلَامِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَهِمَ مِنْهُ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ .
وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ
[ ص: 510 ] الصَّحَابَةِ وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ; بَلْ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ عَلَى نَفْيِهِ أَدَلُّ ; كَمَا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=596101عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ قَالَ : سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رَأَيْت رَبَّك ؟ فَقَالَ : نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ } . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2047&ayano=17سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا } وَلَوْ كَانَ قَدْ أَرَاهُ نَفْسَهُ بِعَيْنِهِ لَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ أَوْلَى . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4849&ayano=53أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=4855&ayano=53لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } وَلَوْ كَانَ رَآهُ بِعَيْنِهِ لَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ أَوْلَى . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2106&ayano=17وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ } قَالَ هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَهَذِهِ " رُؤْيَا الْآيَاتِ " لِأَنَّهُ أَخْبَرَ النَّاسَ بِمَا رَآهُ بِعَيْنِهِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فَكَانَ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ حَيْثُ صَدَّقَهُ قَوْمٌ وَكَذَّبَهُ قَوْمٌ وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ بِأَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْمِعْرَاجِ الثَّابِتَةِ ذِكْرُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لَذَكَرَهُ كَمَا ذَكَرَ مَا دُونَهُ .
وَقَدْ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ وَاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَا يَرَى اللَّهَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا بِعَيْنِهِ إلَّا مَا نَازَعَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28725رُؤْيَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28725الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِيَانًا كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ .
[ ص: 511 ] وَاللُّغَةُ تُجَوِّزُ " مُطْلَقًا " لِمَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; وَأَمَّا لَعْنَةُ " الْمُعَيَّنِ " فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا جَازَتْ لَعْنَتُهُ . وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُعَيَّنُ فَلَا تَنْبَغِي لَعْنَتُهُ ; {
لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُلْعَنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِمَارٍ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ } مَعَ أَنَّهُ قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=19061لَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ عُمُومًا مَعَ أَنَّ فِي لَعْنَةِ الْمُعَيَّنِ - إذَا كَانَ فَاسِقًا أَوْ دَاعِيًا إلَى بِدْعَةٍ - نِزَاعٌ وَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا .