وفي "صحيح " عن مسلم أبي هريرة وأبي سعيد - كلاهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن لأهل ذكر الله أربعا: تنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحف بهم الملائكة، ويذكرهم الرب فيمن عنده" .
وقد قال الله عز وجل: فاذكروني أذكركم وذكر الله لعبده: هو ثناؤه عليه في الملإ الأعلى بين الملائكة ومباهاتهم به وتنويهه بذكره . قال : إن الله ذاكر من ذكره، وزائد من شكره، ومعذب من كفره . الربيع بن أنس
وقال عز وجل: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور [ ص: 129 ] وصلاة الله عز وجل على العبد: هو ثناؤه عليه بين ملائكته . وتنويهه بذكره، كذا قال ، ذكره أبو العالية في "صحيحه " . وقال رجل البخاري لأبي أمامة: رأيت في المنام كأن الملائكة تصلي عليك كلما دخلت، وكلما خرجت، وكلما قمت، وكلما جلست، فقال : وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة، ثم قرأ: أبو أمامة يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته
قال تعالى: واشكروا لي ولا تكفرون ، وقال: واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون
والشكر بالقلب واللسان، والعمل بالجوارح; فالشكر بالقلب: الاعتراف بالنعم للمنعم، وأنها منه وبفضله . وجاء من حديث مرفوعا: عائشة "ما أنعم الله على عبد نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها" .
ومنه حديث ومن الشكر بالقلب: محبة الله على نعمه، المرفوع: ابن عباس "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه " .
قال بعضهم: إذا كانت القلوب جبلت على حب من أحسن إليها فواعجبا لمن لا يرى محسنا إلا الله! كيف لا يميل بكليته إليه! وقال بعضهم: [ ص: 130 ]
إذا أنت لم تزدد على كل نعمة . لمؤتيكها حبا فلست بشاكر إذا أنت لم تؤثر رضا الله وحده .
على كل ما تهوى فلست بصابر
الثناء بالنعم وذكرها وتعدادها، وإظهارها، قال الله تعالى: والشكر باللسان: وأما بنعمة ربك فحدث وفي حديث المرفوع: النعمان بن بشير وقال "التحدث بالنعم شكر وتركها كفر" . : "ذكر النعم شكرها" . وكان يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك أن أبدل نعمتك كفرا، وأن أكفرها بعد معرفتها أو أنساها فلا أثني بها" . قال عمر بن عبد العزيز فضيل: "كان يقال: من شكر النعمة أن تحدث بها" وجلس ليلة هو يتذاكرون النعم إلى الصباح . وابن عيينة
أن لا يستعان بالنعم إلا على طاعة الله عز وجل، وأن يحذر من استعمالها في شيء من معاصيه; قال تعالى: والشكر بالجوارح: اعملوا آل داود شكرا قال بعض السلف: "لما قيل لهم هذا; لم تأت عليهم ساعة إلا وفيهم مصل . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم حتى تتورم قدماه . وقال: "أفلا أكون عبدا شكورا" .
ومر بشاب يقاوم امرأة، فقال: "يا بني ما هذا جزاء نعمة الله عليك " . ابن المنكدر
العجب ممن يعلم أن كل ما به من النعم من الله ثم لا يستحيي من الاستعانة بها على ارتكاب ما نهاه .
[ ص: 131 ]
هب البعث لم تأتنا رسله . وجاحمة الجحيم لم تضرم
أليس من الواجب المستحق . حياء العباد من المنعم
وحافظ عليها بشكر الإله . فشكر الإله يزيل النقم
دخل خالد بن صفوان على ، فقال: يا أمير المؤمنين . إن الله لم يرض أن يكون أحد فوقك، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر له منك . فبكى عمر بن عبد العزيز حتى غشي عليه . عمر