قوله تعالى: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله . قال إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلا دون الموت، ثم قرأ: الحسن: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين . هذه الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مقادير للآجال، ومواقيت للأعمال، ثم تنقضي سريعا، وتمضي جميعا، والذي أوجدها وابتدعها وخصها بالفضائل وأودعها باق لا يزول، ودائم لا يحول، هو في جميع [ ص: 611 ] الأوقات إله واحد، ولأعمال عباده رقيب مشاهد، فسبحان من قلب عباده في اختلاف الأوقات بين وظائف الخدم، ليسبغ عليهم فيها فواضل النعم، ويعاملهم بنهاية الجود والكرم، لما انقضت الأشهر الثلاثة الكرام التي أولها الشهر الحرام، وآخرها شهر الصيام، أقبلت بعدها الأشهر الثلاثة، أشهر الحج إلى البيت الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه غفر له ما تقدم من ذنبه، فمن حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فما يمضي من عمر المؤمن ساعة من الساعات إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات، فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف، ويتقرب بها إلى مولاه وهو راج خائف .