[ ص: 250 ] فصل
وإنما من كبائر تستوجب العقوبة، أو حقوق آدميين حتى يبرأ منها . تدخل أرواح المؤمنين والشهداء الجنة إذا لم يمنع من ذلك مانع،
ففي "الصحيحين " عن رضي الله عنه، أبي هريرة مدعما قتل يوم خيبر، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا" . أن
وعن ، قال: سمرة بن جندب صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ها هنا أحد من بني فلان؟ " ثلاثا، فلم يجبه أحد، ثم أجابه رجل، فقال: "إن فلانا الذي توفي احتبس عن الجنة من أجل الدين الذي عليه، فإن شئتم فافتكوه - أو فافدوه - وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله عز وجل " خرجه ، الإمام أحمد ، وأبو داود ، بألفاظ مختلفة . والنسائي
وخرج من حديث البزار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . وفي حديثه قال: ابن عباس وخرج "إن صاحبكم محبوس على باب الجنة" أحسبه قال: بدين . ، الإمام أحمد ، والترمذي ، من حديث وابن ماجه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ثوبان وخرج "من فارق الروح الجسد، وهو بريء من ثلاث، دخل الجنة، من الكبر، والغلول، والدين " . ، من حديث الطبراني ، قال: أنس وفي المعنى أحاديث متعددة . أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل يصلي [ ص: 251 ] عليه، فقال: "على صاحبكم دين؟ " فقالوا: نعم، قال: " فما ينفعكم أن أصلي على رجل مرتهن في قبره، لا تصعد روحه إلى السماء، فلو ضمن رجل دينه قمت فصليت عليه، فإن صلاتي تنفعه " .
وخرج ، في كتاب "من عاش بعد الموت " من طريق ابن أبي الدنيا سيار ابن جسر، قال: خرج أبي وعبد الله بن زيد، يريدان الغزو، فهجموا على ركية عميقة واسعة، فأدلوا حبالهم بقدر، فإذا القدر قد وقعت في الركية . قال: فقرنوا حبال الرفقة بعضها ببعض، ثم دخل أحدهما إلى الركية، فلما صار في بعضه إذا هو بهمهمة في الركية، فرجع فصعد، فقال: أتسمع ما أسمع؟ قال: نعم، فناولني العمود، فأخذ العمود ثم دخل الركية، فإذا هو برجل جالس على ألواح وتحته الماء . فقال: أجني أم إنسي؟ قال: بل إنسي، فقال: ما أنت؟ قال: أنا رجل من أهل إنطاكية، وإني مت فحبسني ربي عز وجل ها هنا بدين علي، وإن ولدي بإنطاكية، ما يذكروني، ولا يقضون عني . فخرج الذي كان في الركية، فقال لصاحبه: غزوة بعد غزوة، فدع أصحابنا يذهبون، فساروا إلى إنطاكية، فسألوا عن الرجل وعن بنيه، فقالوا: نعم، إنه - والله - لأبونا، وقد بعنا ضيعة لنا، فامشوا معنا حتى نقضي عنه دينه، قال: فذهبوا معهم، حتى قضوا ذلك الدين، قال: ثم رجعنا من إنطاكية حتى أتينا موضع الركية، ولا نشك أنها ثم، فلم يكن ركية ولا شيء فأمسوا فباتوا هناك . فإذا الرجل قد أتاهم في منامهم، وقال: جزاكم الله خيرا، فإن ربي عز وجل حولني إلى مكان كذا وكذا من الجنة حيث قضي عني ديني . [ ص: 252 ] وروى في كتاب "المنامات " قال: حدثنا زكريا بن الحارث البصري، قال: رئي محمد بن عباد في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: لولا ديني أدخلت الجنة . وقالت طائفة: الأرواح في الأرض، ثم اختلفوا . فقالت فرقة منهم: الأرواح تستقر على أفنية القبور . وهذا القول هو الذي ذكره لأبيه في سؤاله المتقدم . وحكى عبد الله ابن الإمام أحمد ابن حزم هذا القول عن عامة أصحاب الحديث . وقال : كان ابن عبد البر ابن وضاح يذهب إليه، ويحتج بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى المقبرة فقال: فهذا يدل على أن "السلام عليكم دار قوم مؤمنين "، ورجح الأرواح بأفنية القبور . أن أرواح الشهداء في الجنة، وأرواح غيرهم على أفنية القبور تسرح حيث شاءت . وذكر عن ابن عبد البر أنه قال: بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت . وعن مالك قال: الأرواح على القبور سبعة أيام، من يوم دفن الميت، لا تفارق ذلك . واستدل هو وغيره بحديث مجاهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عمر وهذا [ ص: 253 ] يدل على أن الأرواح ليست في الجنة، وإنما تعرض عليها بكرة وعشيا . كذلك ذكر "إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة" ، وغيره . ابن عطية
وهذا لا حجة لهم فيه لوجهين:
أحدهما: أنه يحتمل أن يكون العرض بكرة وعشيا على الروح المتصلة بالبدن، والروح وحدها في الجنة فتكون البشارة والتخويف للجسد في هذين الوقتين باتصال الروح به . وأما الروح فهي أبدا في نعيم أو عذاب .
والثاني: أن الذي يعرض بالغداة والعشي هو مسكن ابن آدم الذي يستقر فيه في الجنة أو النار، وليست الأرواح مستقرة فيه في مدة البرزخ، وإن كانت في الجنة أو النار . ولهذا جاء في حديث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: البراء بن عازب "إن المؤمن إذا فتح له في قبره باب إلى الجنة، وقيل له: هذا منزلك . فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي " . وأما السلام على أهل القبور فلا يدل على استقرار أرواحهم على أفنية قبورهم، فإنه يسلم على قبور الأنبياء والشهداء، وأرواحهم في أعلى عليين، ولكن لها مع ذلك اتصال سريع بالجسد، ولا يعلم كنه ذلك وكيفيته على الحقيقة إلا الله عز وجل . ويشهد لذلك الأحاديث المرفوعة والموقوفة على أصحابه، كأبي الدرداء . رضي الله عنهم، في أن النائم يعرج بروحه إلى العرش مع تعلقها ببدنه، وسرعة عودها إليه عند استيقاظه، فروح الموتى [ ص: 254 ] المتجردة عن أبدانهم أولى بعروجها إلى السماء وعودها إلى القبر في مثل تلك السرعة، والله أعلم . وعبد الله بن عمرو بن العاص
وخرج ، من طريق ابن منده ، عن علي بن زيد ، أن سعيد بن المسيب قال سلمان : إن أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، وإن أرواح الكفار في سجين . وخرجه لعبد الله بن سلام في "طبقاته " ولفظه: "إن روح المؤمن تذهب في الأرض حيث شاءت، وروح الكافر في سجين " . ابن سعد وعلي بن زيد ليس بالحافظ، خالفه مع عظمته وجلالته وحفظه . فرواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، قال فيه: إن أرواح المؤمنين تذهب في الجنة حيث شاءت، كما سبق ذكره، وخرجه سعيد بن المسيب في "طبقاته " ولفظه: "إن المؤمن روحه تذهب في الأرض حيث شاءت، ونسم الكافر في سجين " . وقد تقدم عن ابن سعد أنه قال: بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت، وخرجه مالك ، عن ابن أبي الدنيا خالد بن خداش، قال: سمعت يقول ذلك . وخرج - أيضا - عن مالكا حسين بن علي العجلي، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم عن شريك ، عن أبيه، عن يعلى بن عطاء ، قال: مثل المؤمن حين تخرج نفسه، أو قال روحه مثل رجل كان في سجن، فأخرج منه، فهو ينفسح في الأرض ويتقلب فيها . ومما استدل به على أن الأرواح في الأرض، حديث عبد الله بن عمرو . الذي تقدم سياق بعضه، وفيه صفة قبض روح المؤمن: البراء بن عازب "فإذا انتهى إلى العرش [ ص: 255 ] كتب كتابه في عليين، ثم يقول الرب عز وجل: ردوا عبدي إلى مضجعه، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فيرد إلى مضجعه " . وذكر الحديث . وقال في روح الكافر: "فيصعد بها إلى السماء، فتغلق دونه أبواب السماء قال: ويقال: اكتبوا كتابه في سجين، قال: ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى" .
وفي رواية: "فيقول الله تعالى: ردوا روح عبدي إلى الأرض، فإني وعدتهم أني أردهم فيها" ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى (55) . وهذا يدل على أن أرواح المؤمنين تستقر في الأرض، ولا تعود إلى السماء بعد عرضها ونزولها إلى الأرض، ولكن حديث وحده لا يعارض الأحاديث المتقدمة في أن الأرواح في الجنة، ولا سيما الشهداء . وفي "صحيح البراء " عن مسلم عبد الله بن شقيق ، عن ، في صفة قبض روح المؤمن، قال: "ثم يصعد به إلى الله - عز وجل - فيقول: ردوه إلى آخر الأجلين "، وذكر مثله في روح الكافر، وقال فيه: ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - ريطة كانت له على أنفه، يعني لما ذكر نتن ريحه . وهذا يشهد لرفع الحديث كله . وخرج أبي هريرة ، من حديث ابن أبي الدنيا عن قتادة قسامة بن زهير ، عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبي هريرة وخرجه "إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر الريحان، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، وتقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية، مرضيا عنك إلى روح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على [ ص: 256 ] ذلك المسك والريحان، وطويت عليها الحريرة، وبعث بها إلى عليين . وإن الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة، فتنزع روحه نزعا شديدا، ويقال: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله وعذابه، فإذا أخرجت روحه وضعت على تلك الجمرة، فإن لها نشيشا، يطوى عليها المسح ويذهب بها إلى سجين " . وغيره، من حديث النسائي ، عن قتادة عن أبي الجوزاء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولفظه مخالف لما قبله، وذكر فيه في روح المؤمن: حين ينتهوا به إلى السماء العليا، وقال في روح الكافر، حين ينتهوا به إلى الأرض السفلى . وقد ذكرنا فيما تقدم عن أبي هريرة : أن الروح بعد السؤال في القبر ترفع إلى عليين، وتلا قوله تعالى: ابن مسعود كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين . وقالت فرقة: تجتمع الأرواح بموضع من الأرض، كما روى همام بن يحيى المسعودي ، عن : قال: حدثني رجل، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال: إن أرواح المؤمنين تجتمع بالجابية، وأما أرواح الكفار فتجمع بسبخة بحضرموت، يقال له: برهوت، خرجه عبد الله بن عمرو . ابن منده
ورواه عن هشام الدستوائي، ، عن قتادة من قوله، ولم يذكر سعيد بن المسيب ، خرجه من طريق عبد الله بن عمرو ، وقد تبين أن ابن أبي الدنيا لم يسمعه من قتادة سعيد ، إنما بلغه عنه ولا يدر عمن أخذه . وخرج ، من طريق ابن منده فرات القزاز، عن أبي الطفيل ، عن قال: شر واد بئر في علي . الأحقاف: برهوت، بئر في حضرموت، ترده [ ص: 257 ] أرواح الكفار .
قال: ورواه ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد يوسف بن مهران . عن : عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: أبغض بقعة في الأرض واد علي بحضرموت، يقال له: برهوت، فيه أرواح الكفار، وفيه بئر ماؤه بالنهار أسود كأنه قيح تأوي إليه الهوام .
وروى بإسناده عن ، أن شهر بن حوشب رأى كعبا . وقد تكالب الناس عليه يسألونه، فقال رجل لرجل: سله أين أرواح المؤمنين؟ قال: بالجابية ، وأرواح الكفار عبد الله بن عمرو ببرهوت
وبإسناده عن ، عن سفيان ، قال: قال رجل: بت فيه - يعني أبان بن تغلب وادي برهوت، وكأنما حشدت فيه أرواح الناس، وهم يقولون: يا دومة يا دومة، قال أبان: فحدثنا رجل من أهل الكتاب: هو الملك الذي على أرواح الكفار .
قال : وسألنا الحضرميين، فقالوا: لا يستطيع أن يبيت فيه أحد بالليل . سفيان
وقال ابن قتيبة في كتاب: "غريب الحديث ": ذكر ، عن رجل من أهل الأصمعي برهوت - يعني البلد فيه هذا البئر -، قال: نجد الرائحة المنتنة الفظيعة جدا، ثم نمكث حينا، فيأتينا الخبر بأن عظيما من عظماء الكفار قد مات، فنرى أن تلك الرائحة منه . قال: وقال : أخبرني رجل أنه أمسى ابن عيينة ببرهوت، فكأن فيه أصوات الحاج، قال: وسألت أهل حضرموت، فقالوا: لا يستطيع أحدنا أن [ ص: 258 ] يمشي به فيه .
وقال : حدثنا ابن أبي الدنيا الحسين بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن عمر بن سليمان، قال: مات رجل من اليهود وعنده وديعة لمسلم، وكان لليهودي ابن مسلم، فلم يعرف موضع الوديعة، فأخبر شعيبا الجبائي ، فقال: ائت برهوت فإن دونه عين تسيب، فإذا جئت في يوم السبت فامش عليها حتى تأتي عينا هناك، فادع أباك فإنه سيجيبك، فاسأله عما تريد، فعل ذلك الرجل، ومضى، حتى أتى العين، فدعا أباه مرتين أو ثلاثا فأجابه، فقال: أين وديعة فلان؟ فقال: تحت إسكفة الباب، فادفعها إليه .
وفي كتاب "الحكايات " لأبي عمرو أحمد بن محمد النيسابوري، قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عيسى الطرطوسي، حدثنا حامد بن يحيى حدثنا يحيى بن سليم، قال: كان عندنا بمكة رجل صدق من أهل خراسان يودع الودائع فيؤديها، فأودعه رجل عشرة آلاف دينار، وغاب، فحضرت الخراساني الوفاة، فما ائتمن أحدا من ولده، فدفنها في بعض بيوته، ومات . فقدم الرجل وسأل بنيه، فقالوا: ما لنا بها علم، قال العلماء الذين بمكة . وهم يومئذ متوافرون، فقالوا: ما نراه إلا من أهل الجنة، وقد بلغنا أن أرواح أهل الجنة، في زمزم، فإذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه فائت زمزم، فقف على شفيرها، ثم ناده، فإنا نرجو أن يجيبك، فإن أجابك فاسأله عن مالك . فذهب كما قالوا: فنادى أول ليلة وثانية وثالثة، فلم يجب، فرجع إليهم . فقال: ناديت ثلاثا فلم أجب; فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما نرى صاحبك إلا من أهل النار، فاخرج إلى اليمن، فإن بها واديا يقال له: برهوت، فيه بئر يقال له: يلهوت فيها أرواح الكفار، فقف على شفيرها فناده [ ص: 259 ] في الوقت الذي ناديته في زمزم، فذهب كما قيل له في الليل، فنادى يا فلان يا فلان بن فلان أنا فلان بن فلان، فأجابه في أول صوت، فقال له: ويحك ما أنزلك ها هنا وقد كنت صاحب خير؟ قال: كان لي أهل بخراسان، فقطعتهم حتى مت، فأخذني الله فأنزلني هذا المنزل، وأما مالك فإني لم آمن عليه ولدي، وقد دفنته في موضع كذا . فرجع صاحب المال إلى مكة، فوجد المال في المكان الذي أخبره .
ورجحت طائفة من العلماء أن أرواح الكفار في بئر برهوت، منهم من أصحابنا في كتابه: "المعتمد" وهو مخالف لنص القاضي أبو يعلى أن أرواح الكفار في النار . أحمد:
ولعل لبئر برهوت اتصالا في جهنم في قعرها، كما روي في البحر أن تحته جهنم، والله أعلم . ويشهد لذلك ما سبق من قول : فروح الكافر أبي موسى الأشعري بوادي حضرموت، في أسفل الثرى من سبع أرضين .
وقال سألت صفوان بن عمرو: عامر بن عبد الله اليماني، هل لأنفس المؤمنين مجتمع؟ فقال: يقال: إن الأرض التي يقول الله: أن الأرض يرثها عبادي الصالحون قال: هي الأرض التي تجتمع فيها أرواح المؤمنين، حتى يكون البعث . خرجه وهذا غريب جدا، وتفسير الآية بذلك ضعيف . ابن منده،
وخرج في كتاب "من عاش بعد الممات " من طريق [ ص: 260 ] ابن أبي الدنيا، عبد الملك بن قدامة، عن عن عبد الله بن دينار، أبي أيوب اليماني، عن رجل من قومه يقال له: عبد الله، إنه ونفرا من قومه ركبوا البحر، وإن البحر أظلم عليهم أياما، ثم انجلت عنهم تلك الظلمة، وهم قرب قرية، قال عبد الله: فخرجت ألتمس الماء، فإذا أبواب المدينة مغلقة، تجأجأ فيها الريح فهتفت بها، فلم يجبني أحد، فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارسان، تحت كل واحد منهما قطيفة بيضاء، فسألاني عن أمري، فأخبرتهما بالذي أصابنا في البحر، وإني خرجت أطلب الماء . فقالا لي: يا عبد الله، اسلك في هذه السكة، فإنك ستنتهي إلى بركة فيها ماء فاسق منها، ولا يهولنك ما ترى فيها، قال: فسألتهما عن تلك البيوت المغلقة التي تجأجأ فيها الريح فقالا: هذه بيوت فيها أرواح الموتى .
قال: فخرجت حتى انتهيت إلى البركة، فإذا فيها رجل مصلوب معلق على رأسه، يريد أن يتناول الماء بيده، وهو لا يناله، فلما رآني هتف بي . وقال: يا عبد الله اسقني، قال: فغرفت بالقدح لأناوله فقبضت يدي، قال لي: بل العمامة ثم ارم بها إلي، قال: فبللت العمامة لأرمي بها إليه . فقبضت يدي العمامة، ثم بللت ثانيا لأرمي بها إليه قبضت يدي . فقلت: يا عبد الله غرفت بالقدح لأناولك فقبضت يدي، ثم بللت العمامة لأرمي بها إليك فقبضت يدي، فأخبرني من أنت؟ فقال: أنا ابن آدم، أنا أول من سفك دما في الأرض .