[ ص: 3055 ] (سورة الأنفال)
تمهيد
هذه السورة مدنية، وقالوا: إن سبع آيات منها مكية، وعباراتها السامية تنبئ عن أنها مكية، وهي تبتدئ من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فإن هذه الآيات السبع مكية، تدل عليها عباراتها وزمانها، ولكن لأنها متصلة بالهجرة أضيفت إلى سورة مدنية.
والأنفال سميت بأولها، وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال فسميت بهذا الاسم، وإن هذه السورة تشتمل على أعمال من أجل ما قام في الإسلام، ففيها كان يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، وبهذا اللقاء كان الفرق بين عزة الحق وذلة الباطل، وفيها تشريع الأنفال والغنائم، وفيها حكم الأسرى، ومتى يكون الأسر، وفيها إعداد العدة، وفيها الوفاء بالعهد ومتى ينقض.
وقد ابتدئت السورة بذكر الأنفال، وما يؤخذ من الحرب، وبين الله تعالى أنها في الأصل لله تعالى ورسوله؛ ليقوي بها الجيش، ويتخذ منها العدة والأهبة، وكان ذلك إيذانا بما يجيء بعد ذلك من يوم الفرقان.
ابتدئت السورة بالإشارة إلى ما كان من تساؤل حول الأنفال، ثم تكلمت بعد ذلك عن الاستعداد للالتقاء يوم الفرقان.
وكانت أول العدة طاعة الله ورسوله، وامتلاء القلوب بهيبة الله، وبيان أن المؤمنين المجاهدين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتوكلون على ربهم إذا أعدوا العدة، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وإن ذكر الماضي وإرادة تغييره يكون
[ ص: 3056 ] بالعمل والجهاد، وإنه يجب الصبر على فراق الأحبة، ومنع المجادلة في الحق، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون
ثم يملأ الله تعالى قلوب المؤمنين إيمانا وهو من عدة النصر
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون
ويبين من بعد ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=17408_32498الالتجاء إلى الله واستغاثته ، فاستجاب بإمداد الملائكة الروحي الذي جعله الله تعالى بشرى لهم ولتطمئن قلوبهم.
ورزقهم الله الأمان فناموا، والنوم آمنين قوة، وأنزل الله تعالى من السماء ماء ليطهرهم به، ويذهب عنهم رجس الشيطان، ويوحي رب العالمين إلى الملائكة أن يثبتوا الذين آمنوا فيثبتوهم، وألقى في قلوب الذين كفروا الرعب، وصار المؤمنون على استعداد للقتال يضربون فوق الأعناق، ويضربون منهم كل بنان; لأنهم عاندوا الله ورسوله وساقوه فليذوقوا ذلك البأس ومن بعد النار.
ثم يكون التحريض على القتال والثبات
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير
وإنه بعد انتهاء المعركة التي كانت فيصل الحق بين قوة الإيمان والكفر - بين الله أن ذلك كان بفضل الله للمؤمنين، وأنه هو الذي رد كيد الكافرين، ووهن تدبيرهم، وأنه سبحانه هو الذي جاء بالفتح وأمر من عنده، وأنه مع إرادة الله تعالى للنصر لن تغني عنهم فئتهم من الله سبحانه، وإن ذلك من طاعة المؤمنين لله وسماعهم لأوامره، وأنهم لا يقولون: سمعنا وعصينا.
وقد بين الله بعد ذلك أن شر الدواب الذين آتاهم الله عقولا، فأصموا آذانهم عن الحق، وتردوا في الباطل ترديا، وليعلموا أن الله هو المسيطر على القلوب
[ ص: 3057 ] به يهتدون، ويتركهم إن ساروا في طريق الغواية فيضلون، وبين أن الفتن إن جاءت تعم ولا تخص، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=30196أشد الفتن أن يخونوا الله ورسوله ويخونوا أماناتهم، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=19863التقوى حصن القلوب، وهي فرقان ما بين الحق والباطل، وبها يفرق بينهما.
ويذكر الله تعالى بعد ذلك ما كان في آخر إقامتهم
بمكة إذ يدبرون لمحمد حبسه أو قتله أو يخرجوه، ويمكرون والله سبحانه يدبر له أمر هجرته
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
ويذكر بعض ما كان المشركون ينالون بالباطل من القرآن، وما تلج به عداوتهم، فيقولون مستهينين بالحق الذي يدعوهم الله تعالى إليه:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وذلك أبلغ التحدي والاستهانة بالحق، فبدل أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق فاهدنا إليه يقولون متحدين:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فأمطر علينا حجارة من السماء ولكن الله تعالى ما كان ليعذبهم والنبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم قائم بدعوته.
ثم يفرق الله تعالى بين المؤمنين الذين ينفقون في سبيل الله والكافرين الذين ينفقون ليصدوا عن سبيله، وأن مآلهم جهنم، ويفتح الله تعالى لهم باب الرجاء والمغفرة إن ينتهوا، وإن نهاية القتال هو انتهاء الفتنة في الدين
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=40وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير
في هذه السورة من أولها إلى هذه الآية بيان القتال، وأن النصرة فيه بالتأييد من الله العزيز الحكيم والإيمان الصادق المستجلب لهذا التأييد، فهو قوة المسلمين، وضعف المشركين من كفرهم، وأنهم ينفقون ليصدوا عن سبيل الله تعالى.
بعد ذلك يتكلم الله تعالى في توزيع الغنائم، فيقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنـزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير [ ص: 3058 ] ويبين الله مواقع القتال يوم بدر الذي انتهى بالنصر المؤزر، وإذ يربي الله تعالى قوة روح المؤمنين برؤية الأعداء في المنام قليلا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم وإنه في رؤية العيان تستقلونهم لتتقدموا، ويستقلونكم لأنكم فعلا قلة، وذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44ليقضي الله أمرا كان مفعولا
ويدعو الله تعالى إلى الثبات مكررا له; لأن الثبات في الصدمة الأولى هو قوة الصبر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651203إنما الصبر عند الصدمة الأولى ".
nindex.php?page=treesubj&link=28328ويدعو مع الثبات إلى ذكر الله تعالى; لأنه عدة الأتقياء، nindex.php?page=treesubj&link=28328وينهى عن التنازع حتى لا تذهب القوة، ولا يكن
nindex.php?page=treesubj&link=7919خروجكم بطرا بالمعيشة ورجاء الترف أو رئاء الناس؛ فإن هذه هي مفاسد الجهاد، ولا يصح أن يزين الشيطان لكم ويركبكم ويقول لكم:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48لا غالب لكم اليوم من الناس وإذا التقى الجمعان قال: إني بريء منكم.
وعندئذ يجد المنافقون سبيلا إلى جموعكم، ويقولون:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=49غر هؤلاء دينهم فاطرحوا الشيطان وغروره، وتوكلوا على الله، وإن الملائكة يضربون وجوه الكافرين وأدبارهم عند موتهم، وقد ضرب الله تعالى الأمثال بآل فرعون إذ أخذهم الله بذنوبهم، وإذ كذبوا، وإن الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
ومن بعد ذلك يعود إلى الجهاد، والوقوف أمام الأشرار وحربهم، والاستعانة بالعهد لمن يقدم عهدا إن وفوا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=58وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء وإنه يجب أن يكون المؤمنون على حذر واستعداد
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون وأنه مع وجوب الاستعداد والإعداد
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله [ ص: 3059 ] ولا تنس التحريض على القتال، فيتجمع العهد مع الوفاء، والاستعداد للسلم وللحرب معا، ولا بد مع ذلك من تأليف قلوب المؤمنين، فإنه أقوى أسباب النصر، وإن القوة المعنوية مع ائتلاف القلوب تضاهي الألوف
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا وإن أدخل فيكم ضعف بوجود المنافقين فيكم وضعاف الإيمان فإنه
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين
وقد بين الله بعد ذلك وقت الأسر، وهو بعد الإثخان في الأرض، وعتب الله على نبيه والمؤمنين أن كان لهم أسرى وأخذوا فدية، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=70يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم هذا إذا أرادوا، وإن يريدوا خيانة الرسول فقد خانوا الله من قبل.
وبعد ذلك بين الله تعالى ولاء المؤمنين فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير
وقد بين سبحانه أن الكافرين بعضهم أولياء بعض، فلا تربطنا بهم ولاية، وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
وقد ذكر سبحانه بعد ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم
هذه
nindex.php?page=treesubj&link=28882_28892إشارات إلى ما اشتملت عليها سورة الأنفال ، ولولا أنها سميت بذلك لقلنا إنها سورة من سور الجهاد، والله سبحانه وتعالى أعلم.
[ ص: 3055 ] (سُورَةُ الْأَنْفَالِ)
تَمْهِيدٌ
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، وَقَالُوا: إِنَّ سَبْعَ آيَاتٍ مِنْهَا مَكِّيَّةٌ، وَعِبَارَاتُهَا السَّامِيَةُ تُنْبِئُ عَنْ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ تَبْتَدِئُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ السَّبْعَ مَكِّيَّةٌ، تَدُلُّ عَلَيْهَا عِبَارَاتُهَا وَزَمَانُهَا، وَلَكِنْ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْهِجْرَةِ أُضِيفَتْ إِلَى سُورَةٍ مَدَنِيَّةٍ.
وَالْأَنْفَالُ سُمِّيَتْ بِأَوَّلِهَا، وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ فَسُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ، وَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَعْمَالٍ مِنْ أَجَلِّ مَا قَامَ فِي الْإِسْلَامِ، فَفِيهَا كَانَ يَوْمُ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَبِهَذَا اللِّقَاءِ كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ عِزَّةِ الْحَقِّ وَذِلَّةِ الْبَاطِلِ، وَفِيهَا تَشْرِيعُ الْأَنْفَالِ وَالْغَنَائِمِ، وَفِيهَا حُكْمُ الْأَسْرَى، وَمَتَى يَكُونُ الْأَسْرُ، وَفِيهَا إِعْدَادُ الْعُدَّةِ، وَفِيهَا الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَمَتَى يُنْقَضُ.
وَقَدِ ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِذِكْرِ الْأَنْفَالِ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَرْبِ، وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ؛ لِيُقَوِّيَ بِهَا الْجَيْشَ، وَيَتَّخِذَ مِنْهَا الْعُدَّةَ وَالْأُهْبَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ إِيذَانًا بِمَا يَجِيءُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْفُرْقَانِ.
ابْتُدِئَتِ السُّورَةُ بِالْإِشَارَةِ إِلَى مَا كَانَ مِنْ تَسَاؤُلٍ حَوْلَ الْأَنْفَالِ، ثُمَّ تَكَلَّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لِلِالْتِقَاءِ يَوْمَ الْفُرْقَانِ.
وَكَانَتْ أَوَّلُ الْعُدَّةِ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَامْتِلَاءَ الْقُلُوبِ بِهَيْبَةِ اللَّهِ، وَبَيَانَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجَاهِدِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا، وَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى رَبِّهِمْ إِذَا أَعَدُّوا الْعُدَّةَ، وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَإِنَّ ذِكْرَ الْمَاضِي وَإِرَادَةَ تَغْيِيرِهِ يَكُونُ
[ ص: 3056 ] بِالْعَمَلِ وَالْجِهَادِ، وَإِنَّهُ يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَى فِرَاقِ الْأَحِبَّةِ، وَمَنْعِ الْمُجَادَلَةِ فِي الْحَقِّ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=5كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=6يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ
ثُمَّ يَمْلَأُ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا وَهُوَ مِنْ عِدَةِ النَّصْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=7وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=8لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ
وَيُبَيِّنُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=17408_32498الِالْتِجَاءَ إِلَى اللَّهِ وَاسْتِغَاثَتَهُ ، فَاسْتَجَابَ بِإِمْدَادِ الْمَلَائِكَةِ الرُّوحِيِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بُشْرَى لَهُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُهُمْ.
وَرَزَقَهُمُ اللَّهُ الْأَمَانَ فَنَامُوا، وَالنَّوْمُ آمِنِينَ قُوَّةٌ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَهُمْ بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنْهُمْ رِجْسَ الشَّيْطَانِ، وَيُوحِي رَبُّ الْعَالَمِينَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنْ يُثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا فَيُثَبِّتُوهُمْ، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، وَصَارَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِلْقِتَالِ يَضْرِبُونَ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ، وَيَضْرِبُونَ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانِ; لِأَنَّهُمْ عَانَدُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَاقُوهُ فَلْيَذُوقُوا ذَلِكَ الْبَأْسَ وَمِنْ بَعْدُ النَّارَ.
ثُمَّ يَكُونُ التَّحْرِيضُ عَلَى الْقِتَالِ وَالثَّبَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
وَإِنَّهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمَعْرَكَةِ الَّتِي كَانَتْ فَيْصَلَ الْحَقِّ بَيْنَ قُوَّةِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ - بَيَّنَ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِفَضْلِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي رَدَّ كَيْدَ الْكَافِرِينَ، وَوَهَّنَ تَدْبِيرَهُمْ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِالْفَتْحِ وَأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَنَّهُ مَعَ إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّصْرِ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ فِئَتُهُمْ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ وَسَمَاعِهِمْ لِأَوَامِرِهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا.
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللَّهُ عُقُولًا، فَأَصَمُّوا آذَانَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَتَرَدَّوْا فِي الْبَاطِلِ تَرَدِّيًا، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَيْطِرُ عَلَى الْقُلُوبِ
[ ص: 3057 ] بِهِ يَهْتَدُونَ، وَيَتْرُكُهُمْ إِنْ سَارُوا فِي طَرِيقِ الْغَوَايَةِ فَيَضِلُّونَ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْفِتَنَ إِنْ جَاءَتْ تَعُمُّ وَلَا تَخُصُّ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30196أَشَدَّ الْفِتَنِ أَنْ يَخُونُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخُونُوا أَمَانَاتِهِمْ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19863التَّقْوَى حِصْنُ الْقُلُوبِ، وَهِيَ فُرْقَانُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَبِهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا.
وَيَذْكُرُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ فِي آخِرِ إِقَامَتِهِمْ
بِمَكَّةَ إِذْ يُدَبِّرُونَ لِمُحَمَّدٍ حَبْسَهُ أَوْ قَتْلَهُ أَوْ يُخْرِجُوهُ، وَيَمْكُرُونَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُدَبِّرُ لَهُ أَمْرَ هِجْرَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=30وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
وَيَذْكُرُ بَعْضَ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَنَالُونَ بِالْبَاطِلِ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَا تَلِجُّ بِهِ عَدَاوَتُهُمْ، فَيَقُولُونَ مُسْتَهِينِينَ بِالْحَقِّ الَّذِي يَدْعُوهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَذَلِكَ أَبْلَغُ التَّحَدِّي وَالِاسْتِهَانَةِ بِالْحَقِّ، فَبَدَلَ أَنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ فَاهْدِنَا إِلَيْهِ يَقُولُونَ مُتَحَدِّينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا كَانَ لِيُعَذِّبَهُمْ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ قَائِمٌ بِدَعْوَتِهِ.
ثُمَّ يُفَرِّقُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْكَافِرِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ، وَأَنَّ مَآلَهُمْ جَهَنَّمُ، وَيَفْتَحُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بَابَ الرَّجَاءِ وَالْمَغْفِرَةِ إِنْ يَنْتَهُوا، وَإِنَّ نِهَايَةَ الْقِتَالِ هُوَ انْتِهَاءُ الْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=40وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ الْقِتَالِ، وَأَنَّ النُّصْرَةَ فِيهِ بِالتَّأْيِيدِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَالْإِيمَانِ الصَّادِقِ الْمُسْتَجْلِبِ لِهَذَا التَّأْيِيدِ، فَهُوَ قُوَّةُ الْمُسْلِمِينَ، وَضَعْفُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفْرِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.
بَعْدَ ذَلِكَ يَتَكَلَّمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَوْزِيعِ الْغَنَائِمِ، فَيَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [ ص: 3058 ] وَيُبَيِّنُ اللَّهُ مَوَاقِعَ الْقِتَالِ يَوْمَ بَدْرٍ الَّذِي انْتَهَى بِالنَّصْرِ الْمُؤَزَّرِ، وَإِذْ يُرَبِّي اللَّهُ تَعَالَى قُوَّةَ رُوحِ الْمُؤْمِنِينَ بِرُؤْيَةِ الْأَعْدَاءِ فِي الْمَنَامِ قَلِيلًا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ وَإِنَّهُ فِي رُؤْيَةِ الْعِيَانِ تَسْتَقِلُّونَهُمْ لِتَتَقَدَّمُوا، وَيَسْتَقِلُّونَكُمْ لِأَنَّكُمْ فِعْلًا قِلَّةٌ، وَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا
وَيَدْعُو اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الثَّبَاتِ مُكَرِّرًا لَهُ; لِأَنَّ الثَّبَاتَ فِي الصَّدْمَةِ الْأُولَى هُوَ قُوَّةُ الصَّبْرِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "
nindex.php?page=hadith&LINKID=651203إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى ".
nindex.php?page=treesubj&link=28328وَيَدْعُو مَعَ الثَّبَاتِ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى; لِأَنَّهُ عُدَّةُ الْأَتْقِيَاءِ، nindex.php?page=treesubj&link=28328وَيَنْهَى عَنِ التَّنَازُعِ حَتَّى لَا تَذْهَبَ الْقُوَّةُ، وَلَا يَكُنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7919خُرُوجُكُمْ بَطَرًا بِالْمَعِيشَةِ وَرَجَاءَ التَّرَفِ أَوْ رِئَاءَ النَّاسِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ مَفَاسِدُ الْجِهَادِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُزَيِّنَ الشَّيْطَانُ لَكُمْ وَيَرْكَبَكُمْ وَيَقُولَ لَكُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=48لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِذَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ.
وَعِنْدَئِذٍ يَجِدُ الْمُنَافِقُونَ سَبِيلًا إِلَى جُمُوعِكُمْ، وَيَقُولُونَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=49غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ فَاطْرَحُوا الشَّيْطَانَ وَغُرُورَهُ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَضْرِبُونَ وُجُوهَ الْكَافِرِينَ وَأَدْبَارَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ، وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَمْثَالَ بِآلِ فِرْعَوْنَ إِذْ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ، وَإِذْ كَذَّبُوا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
وَمِنْ بَعْدِ ذَلِكَ يَعُودُ إِلَى الْجِهَادِ، وَالْوُقُوفِ أَمَامَ الْأَشْرَارِ وَحَرْبِهِمْ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْعَهْدِ لِمَنْ يُقَدِّمُ عَهْدًا إِنْ وَفَّوْا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=58وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى حَذَرٍ وَاسْتِعْدَادٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ وَأَنَّهُ مَعَ وُجُوبِ الِاسْتِعْدَادِ وَالْإِعْدَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=61وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ [ ص: 3059 ] وَلَا تَنْسَ التَّحْرِيضَ عَلَى الْقِتَالِ، فَيَتَجَمَّعُ الْعَهْدُ مَعَ الْوَفَاءِ، وَالِاسْتِعْدَادُ لِلسِّلْمِ وَلِلْحَرْبِ مَعًا، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ تَأْلِيفِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ أَقْوَى أَسْبَابِ النَّصْرِ، وَإِنَّ الْقُوَّةَ الْمَعْنَوِيَّةَ مَعَ ائْتِلَافِ الْقُلُوبِ تُضَاهِي الْأُلُوفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَإِنْ أُدْخِلَ فِيكُمْ ضَعْفٌ بِوُجُودِ الْمُنَافِقِينَ فِيكُمْ وَضِعَافِ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتَ الْأَسْرِ، وَهُوَ بَعْدَ الْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ، وَعَتَبَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَنْ كَانَ لَهُمْ أَسْرَى وَأَخَذُوا فِدْيَةً، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=70يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ هَذَا إِذَا أَرَادُوا، وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَةَ الرَّسُولِ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ.
وَبَعْدَ ذَلِكَ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَاءَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْكَافِرِينَ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ، فَلَا تَرْبُطُنَا بِهِمْ وِلَايَةٌ، وَإِلَّا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28882_28892إِشَارَاتٌ إِلَى مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا سُورَةُ الْأَنْفَالِ ، وَلَوْلَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَقُلْنَا إِنَّهَا سُورَةٌ مِنْ سُورِ الْجِهَادِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.