(التعوذ في ابتداء التلاوة   ) 
قال الله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم  ، فهم من هذا النص الكريم أنه عند التلاوة لا بد أن يقدمها بقوله : " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ، ثم تكون بعدها " بسم الله الرحمن الرحيم " وقد حكي ذلك عن  عطاء  وغيره ، فقالوا : " إن الاستعاذة واجبة عند كل تلاوة في غير الصلاة " ، وإنما في الصلاة فلا وجوب ، ويظهر أن ذلك بالاتفاق ; لأنه يكون زيادة واجب في الصلاة لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكل وجوب في عبادة من غير إيجاب من صاحب الشرع يرد ولا يؤخذ به . وكان  النخعي  ، ومعه قوم يتعوذون استحبابا في كل ركعة في الصلاة ، فحيث كانت قراءة قرآن تعوذوا استحبابا ، وروي عن  أبي حنيفة  التعوذ في قراءة الركعة الأولى فقط . 
 [ ص: 47 ] ومن المتفق عليه أمران : 
أحدهما : أن الاستعاذة ليست جزءا من الصلاة ، ولا شرطا لقراءة الفاتحة ، كما هو مقرر عند  الشافعي  ، لا سرا ولا جهرا ; لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه التزم بها لا جهرا ولا خفية . 
الثاني : أن كلمة " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ليست قرآنا ، وإنما استجابة لقول الله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم  ، وكلمة " أعوذ بالله " هي الكلمة التي يرددها الناس عند الاستعاذة ، وروي عن  عبد الله بن مسعود  أنه كان يقول في الاستعاذة : " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " ، وروى  ابن مسعود  أنه تعوذ بها أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : " يا  ابن أم عبد  ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأني جبريل  عن اللوح عن القلم  " ، وإن هذا النص يستفاد منه أن كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هي المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وننتهي من هذا إلى أنها مستحبة وليست واجبة ، ولكن إذا قالها أيسر أم يجهر ؟  
الجمهور على أنه يجهر عند الصلاة بها ، وقال  حمزة   : يسر بها ، ومن قال إن الاستعاذة تكون بعد القراءة لأن الله يقول : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله  فالقراءة تسبق الاستعاذة امتثالا لأمر الله تعالى ; ولكيلا يكون القارئ متغنيا ، ولا متلقيا ، وليكون في حضرة الله في قراءته وبعدها ، ويكون طائعا لله تعالى في كل أحواله . 
				
						
						
